الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الثَّامِنُ: المُوَكَّلون بحِفظِ عمَلِ العَبدِ مِن خَيرٍ وشَرٍّ

قال اللهُ تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [الانفطار: 10-12].
قال ابنُ أبي زَمَنِين: (أهلُ السُّنَّةِ يُؤمِنون بالحَفَظةِ الذين يكتُبون أعمالَ العِبادِ. وقال عَزَّ وجَلَّ: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار: 10-11]) [3950] يُنظر: ((أصول السنة)) (ص: 147-150). .
وقال اللهُ تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُـمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80] .
قال ابنُ جريرٍ: (يقولُ تعالى ذِكْرُه: بل نحن نعلَمُ ما تناجَوا به بينهم، وأخفَوه عن النَّاسِ مِن سِرِّ كلامِهم، وحَفَظَتُنا لديهم، يعني: عندهم يَكتُبون ما نطَقوا به مِن مَنطِقٍ، وتكَلَّموا به من كلامِهم) [3951] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (20/ 652). .
وقال السَّعْديُّ: (أَمْ يَحْسَبُونَ بجَهْلِهم وظُلمِهم أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ الذي لم يتكَلَّموا به، بل هو سِرٌّ في قلوبهم وَنَجْوَاهُمْ أي: كلامَهم الخَفِيَّ الذي يتناجَون به، أي: فلذلك أقدَموا على المعاصي، وظَنُّوا أنَّها لا تَبِعةَ لها ولا مجازاةَ على ما خَفِيَ منها، فرَدَّ اللهُ عليهم بقَولِه: بَلَى أي: إنَّا نَعلَمُ سِرَّهم ونجواهم، وَرُسُلُنَا المَلائِكةُ الكِرامُ لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ كُلَّ ما عَمِلوه، وسيَحفَظُ ذلك عليهم، حتى يَرِدُوا القيامةَ، فيَجِدوا ما عَمِلوا حاضِرًا، ولا يَظلِمُ رَبُّك أحَدًا) [3952] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 770). .
وقال اللهُ سُبحانَه: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 17، 18].
قال البغوي: (يتلقَّى ويأخُذُ الملَكانِ الموكَّلانِ بالإنسانِ عَمَلَه ومَنطِقَه يحفَظانِه ويَكتُبانِه، عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ، أي: أحَدُهما عن يمينِه والآخَرُ عن شمالِه، فالذي عن اليمينِ يكتُبُ الحَسَناتِ، والذي عن الشِّمالِ يكتُبُ السَّيِّئاتِ. قَعِيدٌ، أي: قاعِدٌ... قيل: أراد بالقعيدِ الملازمَ الذي لا يَبرَحُ، لا القاعِدَ الذي هو ضِدُّ القائِمِ. قال مجاهِدٌ: القعيدُ: الرَّصيدُ. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ما يتكَلَّمُ من كلامٍ، فيَلفِظُه، أي: يرميه مِن فيه إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ حافِظٌ عَتِيدٌ حاضِرٌ أينما كان) [3953] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (4/ 272).  .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: إذا همَّ عبدي بسَيِّئةٍ فلا تكتُبوها عليه، فإنْ عَمِلَها فاكتُبوها سَيِّئةً، وإِذَا همَّ بحَسَنةٍ فلم يعمَلْها فاكتُبوها حَسنةً، فإِن عَمِلَها فاكتُبوها عَشرًا )) [3954] رواه البخاري (7501)، ومسلم (128) واللفظُ له. .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((قالت المَلائِكةُ: رَبِّ ذاك عبدُك يريدُ أن يعمَلَ سَيِّئةً -وهو أبْصرُ به- فقال: ارْقُبوه، فإن عَمِلها فاكتُبوها له بمِثْلِها، وإِن تركَها فاكتُبوها له حَسَنةً؛ إنما ترَكَها مِن جَرَّاي [3955] قال المازريُّ: (يعني: مِنْ أَجْلِي) ((المعلم بفوائد مسلم)) (1/ 313). ) [3956] رواه مسلم (129). .

انظر أيضا: