الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الثَّاني: الأدِلَّةُ على بُطلانِ مَذهَبِ التَّفويضِ

1- تواترُ الآياتِ والأحاديثِ على إثباتِ صفةٍ مُعَيَّنةٍ، بأساليبَ متعدِّدةٍ، ودَلالاتٍ مُتعاضِدة: يؤكِّدُ أن هذا الظَّاهِرَ هو المطلوبُ فَهمُه.
2- فَسَّر أئمَّةُ السَّلَف كثيرًا من آياتِ الصِّفاتِ؛ كقولهم في الاستواء إنَّه: العُلُوُّ، والاستقرارُ، والارتفاعُ [167] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (1/457)، ((تفسير البغوي)) (2/197). ؛ ممَّا يدُلُّ على أنَّهم فَهِموا معناها.
3- تفريقُ السَّلَفِ بين إدراكِ المعنى وإدراكِ الكَيفِ، وقد أوردَ الذَّهبيُّ قولَ مالِكٍ: (الكَيفُ غَيرُ مَعقولٍ، والاستِواءُ منه غيرُ مَجهولٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بِدعةٌ) ثمَّ قال مُعَقِّبًا: (هذا ثابِتٌ عن مالكٍ، وتقدَّم نحوُه عن رَبيعةَ شَيخِ مالِكٍ، وهو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ قاطِبةً: أنَّ كيفيةَ الاستواءِ لا نَعقِلُها، بل نجهَلُها، وأنَّ استواءَه معلومٌ، كما أخبَرَ في كتابِه، وأنَّه كما يَليقُ به) [168] يُنظر: ((مختصر العلو)) (ص: 141). .
4- يَلزَمُ مِن مَذهَبِ التَّفويضِ لوازمُ باطِلةٌ؛ منها:
أ- القدحُ في الرَّبِّ جلَّ وعلا، وفي القُرآنِ الكريمِ، وفي الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك بأن يكونَ اللهُ تعالى أنزل كلامًا لا يُفهَم، وأمر بتدبُّر ما لا يُتدَبَّر، وأن يكونَ القرآنُ الذي هو النُّورُ المُبِينُ والذِّكرُ الكريمُ سَببًا لأنواعِ الاختِلافاتِ والضَّلالاتِ، وأن يكونَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يبيِّن للنَّاسِ ما نُزِّل إليهم، وبهذا تكونُ قد فَسَدت الرِّسالةُ، وبطَلَت الحُجَّةُ.
ب- أن يتسلَّطَ المتأوِّلةُ على المُفَوِّضةِ، فينسُبون هذه الطَّريقةَ إلى السَّلَفِ، فيَكونُ السَّلَفُ من الصَّحابة وخيارِ التَّابعينَ بمنزلةِ الأمِّيِّينَ الذين لا يَعلَمونَ الكِتابَ إلَّا أمانيَّ.
ج- استطالةُ نُفاةِ المَعادِ وغَيرِهم من الملاحِدةِ على المُفَوِّضةِ، فيقولُ الواحِدُ منهم: الحقُّ في نفسِ الأمرِ ما عِلمتُه برَأْيي وعقلي، وليس في النُّصوصِ ما يناقِضُ ذلك؛ لأنَّ تلك النُّصوصَ مُشكِلةٌ ومُتَشابِهةٌ لا يَعلَمُ أحدٌ معناها، وما لا يُعلَمُ معناه لا يجوزُ الاستدلالُ به، فيبقى مَذهبُ التَّفويضِ سَدًّا لبابِ الهدى والبيانِ مِن جِهةِ الأنبياءِ، وفتحًا لبابِ مَن يُعارِضُهم من أهلِ الضَّلالاتِ مِنَ الفَلاسِفةِ، والملاحِدةِ الباطنيَّةِ، وأصحابِ الأذواقِ والمواجيدِ والتَّأويلاتِ الشَّنيعةِ [169] يُنظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) لابن تَيميَّةَ (1/202)، ((شرح الطحاوية)) لابن أبي العز (1/19، 233)، ((منهج الاستدلال على مَسائِل الاعتقاد)) لعثمان حسن (2/593). .

انظر أيضا: