الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ التاسِعُ والثَّلاثون: الآثارُ الإيمانيَّةُ لاسْمِ اللهِ: العظيمِ

فاللهُ سُبحانَه ذو العَظَمةِ المُطلَقةِ التَّامَّةِ؛ فهو عظيمٌ في ذاتِه، عظيمٌ في أسمائِه كُلِّها، عظيمٌ في صفاتِه جميعِها.
فمن عظَمَتِه في عِلْمِه وقُدرتِه أنَّه لا يَشُقُّ عليه أن يحفَظَ السَّمَواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ، ومن فيهما كما قال: وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255] .
والمخلوقُ قد يكونُ عظيمًا في حالٍ دونَ حالٍ، وفي زمانٍ دون زمانٍ؛ فقد يكونُ عظيمًا في شبابِه، ولا يكونُ كذلك عند شَيبِه، وقد يكونُ مَلِكًا أو غَنِيًّا مُعَظَّمًا في قومِه، فيذهَبُ مُلكُه وغِناه، أو يفارِقُ قَومَه وتذهَبُ عَظَمتُه معها، لكِنَّ اللهَ سُبحانَه هو العظيمُ أزَلًا وأبَدًا.
قال الحليمي في (العظيمِ): (معناه: الذي لا يمكِنُ الامتناعُ عليه بالإطلاقِ؛ لأنَّ عظيمَ القَومِ إنما يكونُ مالِكَ أمورِهم، الذي لا يَقدِرون على مُقاومتِه ومخالفةِ أُمورِه، إلَّا أنَّه وإن كان كذلك، فقد يلحَقُه العَجزُ بآفاتٍ تَدخُلُ عليه فيما بيَدِه، فتُوهِنُه وتُضعِفُه، حتى يُستطاعَ مُقاومتُه، بل قَهرُه وإبطالُه، واللهُ جَلَّ ثناؤه قادِرٌ لا يُعجِزُه شَيءٌ، ولا يمكِنُ أن يُعصَى كُرهًا، أو يخالَفَ أمْرُه قَهرًا؛ فهو العظيمُ إذًّا حقًّا وصِدقًا، وكان هذا الاسمُ لِمن دونَه مَجازًا) [3610] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 195). .
وعلى المسلِمِ أن يُعَظِّمَ اللهَ حَقَّ تعظيمِه، ويَقدُرَه حَقَّ قَدْرِه، وإن كان هذا لا يُستقصى، إلَّا أنَّ على المسلِمِ أن يَبذُلَ قُصارى ما يملِكُ؛ لكي يَصِلَ إليه.
وتعظيمُ اللهِ سُبحانَه وتعالى يكونُ بوَصفِه بما يليقُ به من الأوصافِ والنُّعوتِ التي وصف بها نَفْسَه، والإيمانِ بها وإثباتِها له، دونَ تَشبيهِها بخَلْقِه، ولا تعطيلِها عمَّا تضَمَّنَتْه من معانٍ عظيمةٍ.
فمن شَبَّه ومَثَّل، أو عَطَّل وأَوَّلَ؛ فما عَظَّم اللهَ حَقَّ تعظيمِه.
ومن تعظيمِه جَلَّ علا الإكثارُ مِن ذِكْرِه في كلِّ وقتٍ وحينٍ، والبَدءُ باسمِه في جميعِ الأمورِ، وحَمدُه والثَّناءُ عليه بما هو أهلٌ له، وتهليلُه وتكبيرُه.
ومن تعظيمِ اللهِ سُبحانَه أن يُعَظَّمَ رَسولُه.
ومن تعظيمِ اللهِ سُبحانَه أن تُعَظَّمَ شعائِرُ دينِه؛ كالصَّلاةِ والزكاةِ، والصِّيامِ، والحَجِّ والعُمرةِ، وغَيرِها.
قال تعالى: وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] .
ومن تعظيمِ اللهِ سُبحانَه أن تُجتَنَبَ نواهيه ومحارِمُه التي حَرَّمها.
وقد أمر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُسَبَّحَ بهذا الاسمِ في الركوعِ، فقال: ((... ألَا وإنِّي نهيتُ أن أقرأَ القُرآنَ راكعًا أو ساجدًا؛ فأمَّا الركوعُ فعَظِّموا فيه الرَّبَّ عَزَّ وجَلَّ )) [3611] أخرجه مسلم (479) من حَديثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. .

انظر أيضا: