سادسا: إسداء النصح له التشكيل
إن العالم كغيره من الناس له حق النصح إذا أخطأ وهو مندرج تحت قوله عليه الصلاة والسلام كما في حديث تميم بن أوس الداري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم رواه البخاري معلقاً قبل حديث (57)، ورواه مسلم موصولاً (55). من حديث تميم الداري رضي الله عنه. . وأبو داود ((سنن أبي داود)) (4944). . والترمذي ((سنن الترمذي (1926)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، وعنده أنه قال الدين النصيحة ثلاث مرات، فالعلماء يعتبرون من أئمة المسلمين.
ولكن من الذي ينصحهم؟ أهم أصحاب الألسن الحادة والكلمات الجارحة من المتحمسين والمتشنجين...؟
أم ذلك الذي لا يرى الحق إلا ما كان على مثل ما هو عليه؟
أقول: إن الذين ينصحون هم أولئك الذين عرفوا الحق ورحموا الخلق، فكلماتهم بلسم على الجراح، يأتون بالعبارة التي يفوح منها الحنان والشفقة بالمنصوح لا يشعرونه بأنهم مترفعون عليه ولا شامتين به، إنهم العلماء الربانيون الذين لا يشهرون بالمنصوح بحجة النصح ولا يحرجونه بحجة التقويم ويضعون نصب أعينهم ما يلي:
الإخلاص لله تعالى في هذه النصيحة فإنها من جملة العبادات التي كلفنا بها ولا تقبل إلا إذا كانت خالصة لوجه الله تعالى قال عز وجل وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [ البينة:5].
أن يكون القصد منها الإصلاح إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [ هود:88].
أن يكون القصد إظهار الحق حتى قال الإمام الشافعي (قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب) وقوله (ما ناظرت أحدا إلا سألت الله أن يظهر الحق على لساني أو على لسانه).
أن يكون مبتعدا عن كل ما يجعل المنصوح معاندا متماديا على الباطل متأسيا بذلك بسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام حيث كان إذا أراد النصح قال: (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا) (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله) رواه البخاري (456)، ومسلم (1504) من حديث عائشة رضي الله عنها. .
أن يكون التركيز على الرأي أو المسألة لا على قائلها لقوله عليه الصلاة والسلام: ((ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله..)) الحديث، رواه البخاري (456)، ومسلم (1504) من حديث عائشة رضي الله عنها. . مع معرفته عليه الصلاة والسلام بالذين اشترطوا تلك الشروط في قضية عتق بريرة، وفي الثلاثة النفر الذين سألوا عن أعماله فكأنهم تقالّوها، والسنة مليئة بمثل هذا.تحذير الفضلاء من اتباع زلات العلماء – عقيل بن محمد بن زيد المقطري – ص 28