تم اعتماد المنهجية من الجمعية الفقهية السعودية
برئاسة الشيخ الدكتور سعد بن تركي الخثلان
أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود
عضو هيئة كبار العلماء (سابقاً)
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل )) [867] رواه الترمذي (2488)، وأبو يعلى (8/467) (5053)، وابن حبان (2/216) (470)، والطبراني (10/231) (10562) واللفظ له. قال الترمذي، والبغوي في ((شرح السنة)) (6/480): حسن غريب. وقال ابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (1/521): محفوظ من حديث موسى بن عقبة عن عبد الله بن عمرو، تفرد به هشام بن عروة عنه، وجوَّد إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/26)، والبوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/285)، وقال: وله شاهد. وقال محمد المناوي في ((تخريج أحاديث المصابيح)) (4/343): رجاله رجال مسلم، إلا عبد الله بن عمرو الأودي فإنه لم يرو له إلا الترمذي، ولم أر من تكلم فيه بجرح. وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2488). قال القاري: (... ((قريب)) أي: من النَّاس بمجالستهم في محافل الطَّاعة، وملاطفتهم قدر الطَّاعة. ((سهل)) أي: في قضاء حوائجهم، أو معناه: أنه سمح القضاء، سمح الاقتضاء، سمح البيع، سمح الشِّراء) [868] ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (8/3179). وقال الصديقي: (... ((تحرم على كلِّ قريب)) أي: من النَّاس بحسن ملاطفته لهم، ((هيِّن ليِّن)) قال في ((النِّهاية)): ((المسلمون هَيْنُونَ لَيْنُون))، وهما بالتَّخفيف، قال ابن الأعرابي: العرب تمدح بِالْهَيْنِ اللَّيْن، مخفَّفيْن، وتذم بهما مُثَقَّلَيْن، وهيِّن: أي بالتَّشديد، فيعل من الهون، وهو السَّكينة والوقار والسُّهولة، فَعَيْنُه (واو)، وشيءٌ هَيْنٌ وهَيِّنٌ، أي: سَهْلٌ. ((سهل)) أي: يقضي حوائجهم ويسهل أمورهم) [869] ((دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين)) للصديقي (5/98). - وعن النُّعمان بن بَشير رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى )) [870] رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له. ففي هذا الحديث: تعظيم حقوق المسلمين، والحضُّ على تعاونهم، وملاطفة بعضهم بعضًا [871] ((تطريز رياض الصالحين)) للحريملي (ص 174). - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه، قال: ((جاء رجل إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنِّي أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثَّانية فنهاه، ثم أتاه الثَّالثة، فقال: تزوَّجوا الوَدُود الولود؛ فإنِّي مكاثر بكم الأمم )) [872] رواه أبو داود (2050)، والنسائي (6/65)، وابن حبان (9/363) (4056)، والطبراني (20/219) (508)، والحاكم (2/176)، والبيهقي (7/81) (13857). قال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/72): غريب من حديث منصور، تفرد به المستلم بن سعيد. وصحح إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/53)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2050): حسن صحيح. وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1143). الوَلُود: كثيرة الولد، والوَدُود: الموْدُودَة، لما هي عليه من حسن الخلق، والتَّوَدُّد إلى الزَّوج [873] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/104-105). - وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله! إنَّ لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأَحْلُم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنَّما تُسِفُّهم الملَّ [874] تطعمهم الرماد الحار ((شرح النووي على مسلم)) (16/115). ، ولا يزال معك من الله ظهير [875] المعين والدافع لأذاهم ((شرح النووي على مسلم)) (16/115). عليهم ما دمت على ذلك )) [876] رواه مسلم (2558). فأيَّده النَّبي صلى الله عليه وسلم على تودُّدِه إليهم، وإن لم يجد منهم مقابلًا لما يقوم به، إلَّا الإساءة إليه. - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ((أنَّ رجلًا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله. وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه، فقيل له: أصلحك الله! إنَّهم الأعراب، وإنَّهم يرضون باليسير. فقال عبد الله: إنَّ أبا هذا كان وُدًّا لعمر بن الخطَّاب، وإنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ أبَرَّ البِرِّ: صِلَة الولد أهل وُدِّ أبيه )) [877] رواه مسلم (2552). قال النَّووي: (... ((إنَّ أبا هذا كان وُدًّا لعمر)) قال القاضي: رويناه بضم الواو وكسرها، أي: صديقًا من أهل مَوَدَّته، وهي محبَّته. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أبَرَّ البِرِّ: صِلَة الولد أهل وُدِّ أبيه)) [878] رواه مسلم (2552) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ، وفي رواية: ((إنَّ من أبَرِّ البِرِّ صِلَة الرَّجل أهل وُدِّ أبيه بعد أنْ يُوَلِّيَ))، الوُدُّ هنا مضموم الواو، وفي هذا فضل صِلَة أصدقاء الأب، والإحسان إليهم وإكرامهم، وهو متضمِّن لبِرِّ الأب وإكرامه؛ لكونه بسببه. وتلتحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشايخ، والزَّوج والزَّوجة) [879] ((شرح النووي على مسلم)) (16/109-110).