موسوعة الأخلاق

ثانيًا: ذَمُّ السَّفَه والحُمْق والنهي عنهما في السُّنَّة النَّبويَّة


- عن جابر بن عبد الله: (أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: أعاذك الله مِن إمارة السُّفَهاء. قال: وما إمارة السُّفَهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي، ولا يستنُّون بسنَّتي، فمَن صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا منِّي ولست منهم، ولا يردوا على حوضي، ومَن لم يصدِّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم، فأولئك منِّي وأنا منهم، وسيردوا على حوضي.. ) [5800] رواه أحمد (3/321) (14481) واللَّفظ له، والدَّارمي (2/409)، وأبو يعلى (3/475) (1999)، وابن حبان (10/372) (4514)، والطبراني (19/141) (309)، والحاكم (4/468)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/46) (9399).      قال المنذري في ((التَّرغيب والتَّرهيب)) (3/203)، والهيتمي في ((الزواجر)) (2/119): رواته محتجٌّ بهم في الصَّحيح، وصحَّحه ابن حجر في ((الأمالي المطلقة)) (213)، وقال الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (2242): صحيح لغيره، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (260).
(إمارة السُّفَهاء، وهو فعلهم المستفاد منه مِن الظُّلم والكذب وما يؤدِّي إليه جهلهم وطيشهم) [5801] ((مرقاة المفاتيح)) لملا علي القاري (6/2410).
قال المناوي: (إمارة السُّفَهاء -بكسر الهمزة-. أي: ولايتهم على الرِّقاب؛ لما يحدث منهم مِن العنف والطَّيش والخِفَّة، جمع سَفِيهٍ، وهو ناقص العقل، والسَّفَه) [5802] ((فيض القدير)) (3/194).
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل الجليس الصَّالح والجليس السُّوء، كمثل صاحب المسك وكِير الحدَّاد [5803] كير الحداد: هو زق أو جلد غليظ ينفخ به النار ((عمدة القاري)) للعيني (11/ 220). ، لا يعدمك مِن صاحب المسك إمَّا تشتريه أو تجد ريحه، وكِير الحدَّاد يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحًا خبيثة )) [5804] رواه البخاري (2101)، ومسلم (2628).
قال أبو حاتم: (والواجب على العاقل ترك صحبة الأَحْمَق، ومجانبة معاشرة النَّوكى [5805] نوكى، جمع أنوك: وهو الأحمق. انظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (10/501). ، كما يجب عليه لزوم صحبة العاقل الأريب، وعشرة الفَطِن اللَّبيب؛ لأنَّ العاقل -وإن لم يصبك الحظُّ مِن عقله- أصابك مِن الاعتبار به، والأَحْمَق إن لم يَعْدِك حُمْقُه تدنَّستَ بعِشْرَته) [5806] ((روضة العقلاء)) (ص 118).
- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج في آخر الزَّمان أقوامٌ أحداث الأسنان، سُفَهَاء الأحلام، يقولون مِن خير قول البريَّة، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنَّ في قتلهم أجرٌ لمن قتلهم يوم القيامة )) [5807] رواه البخاري (3611)، ومسلم (1066).
قال ملا علي القاري: (أي: ضعفاء العقول، والسَّفَهُ -في الأصل-: الخِفَّة والطَّيش، وسَفِه فلان رأيه: إذا كان مضطربًا لا استقامة فيه، والأحْلَام: العقول، واحدها حِلْم، بالكسر) [5808] ((مرقاة المفاتيح)) (6/2311).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّها ستأتي على النَّاس سنونٌ خَدَّاعَة، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكَذَّب فيها الصَّادق، ويُؤْتَمَن فيها الخائن، ويُخَوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرُّويبضة. قيل: وما الرُّويبضة؟ قال: السَّفيه يتكلَّم في أمر العامَّة )) [5809] رواه ابن ماجه (3277)، وأحمد (2/291) (7899)، والحاكم (4/512)، وجوَّد إسناده ابن كثير في ((نهاية البداية والنهاية)) (1/214)، وحسَّن إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (15/37) وقال: ومتنه صحيح. وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3277).
قال ابن رجب: (ومضمون ما ذُكِر مِن أشراط السَّاعة في هذا الحديث يرجع إلى أنَّ الأمور تُوَسَّد إلى غير أهلها) [5810] ((جامع العلوم والحكم)) (1/143).

انظر أيضا: