موسوعة الأخلاق

ثانيًا: ذم الجبن في السنة النبوية


- عن جبير بن مطعم رضي الله عنه ((أنَّه بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه الناس مقفله [4883] مقفله: يعني زمان رجوعه. ((فتح الباري)) لابن حجر (6/35). من حنين، فعلِقه الناس يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة [4884] اضطروه إلى سمرة: أي ألجؤوه إلى شجرة من شجر البادية ذات شوك ((فتح الباري)) لابن حجر (6/35). ، فخطفت رداءه، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أعطوني ردائي، لو كان لي عدد هذه العضاه نعمًا لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا، ولا كذوبًا، ولا جبانًا )) [4885] رواه البخاري (2821).
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي طلحة: ((التمس لي غلامًا من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر. فخرج بي أبو طلحة مردفي [4886] أي أردفني خلفه على الدابة. ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (5/90). وأنا غلام راهقت الحلم، فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل، فكنت أسمعه كثيرًا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين... )) [4887] رواه البخاري (2891).
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شرُّ ما في رجل شحٌّ هالع، وجبن خالع )) [4888] رواه أبو داود (2511)، وأحمد (2/302) (7997)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/424) (10831).      صحح إسناده الطبري في ((مسند عمر)) (1/103)، وصحح الحديث ابن تيمية كما في ((مجموع الفتاوى)) (28/437)، وجوَّد إسناده العراقي في تخريجه للإحياء (3/312) وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (15/164)، وصحح الحديث الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2511)، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1406).
قال ابن القيم في شرحه للحديث: (هنا أمران: أمر لفظي، وأمر معنوي، فأما اللفظي: فإنَّه وصف الشحَّ بكونه هالعًا، والهالع صاحبه، وأكثر ما يسمى هلوعًا، ولا يقال: هالع له. فإنه لا يتعدى، وفيه وجهان:
 أحدهما: أنه على النسب، كقولهم: ليل نائم، وشرٌّ قائم، ونهار صائم، ويوم عاصف. كلُّه عند سيبويه على النسب أي ذو كذا.
 والثاني: أنَّ اللفظة غيرت عن بابها؛ للازدواج مع خالع، وله نظائر.
 وأما المعنوي: فإنَّ الشحَّ و الجبن أردى صفتين في العبد، ولا سيما إذا كان شحُّه هالعًا، أي ملقٍ له في الهلع، وجبنه خالعًا أي: قد خلع قلبه من مكانه، فلا سماحة، ولا شجاعة، ولا نفع بماله، ولا ببدنه، كما يقال: لا طعنة ولا جفنة، ولا يطرد ولا يشرد، بل قد قمعه وصغره وحقره ودساه الشح والخوف والطمع والفزع) [4889] ((عدة الصابرين)) (ص 275).
- وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أنسابكم هذه ليست بسِبابٍ على أحد، وإنما أنتم ولد آدم، طَفُّ [4890] طف الصاع: أي قريب بعضكم من بعض. ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (3/ 129). الصاع، لم تملؤوه، ليس لأحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح، حَسْبُ الرجل أن يكون فاحشًا بذيًّا بخيلًا جبانًا)) [4891] رواه أحمد (4/145) (17351)، والطبراني (17/295) (814). وصححه لغيره الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2962).
قال المناوي: (أي: يكفيه من الشرِّ والحرمان من الخير، والبعد من منازل الأخيار، ومقامات الأبرار كونه متصفًا بذلك، أو ببعضه) [4892] ((فيض القدير)) للمناوي (5/484).
- وعن يعلى العامري رضي الله عنه قال: ((جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فضمَّهما إليه، وقال: إنَّ الولد مبخلة مجبنة )) [4893] رواه ابن ماجه (2972)، وأحمد (4/172) (17598)، والحاكم (3/179)، والبيهقي (10/202) (21385). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، قال الذهبي في ((المهذب)) (8/4210): إسناده قوي، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/57): رجاله ثقات، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(أي: سبب لبخل الأب وجبنه، ويحمل أبويه على البخل، وكذلك على الجبن، فإنَّه يتقاعد من الغزوات والسرايا بسبب حبِّ الأولاد، ويمسك ماله لهم) [4894] ((شروح سنن ابن ماجه)) للسيوطي (2/1338).

انظر أيضا: