موسوعة الأخلاق

ثانيًا: الترغيب في كَظْم الغَيْظ في السُّنَّة النَّبويَّة


- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغَضَب )) [3323] رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609).
قال النَّوويُّ: (فيه كَظْم الغَيْظ، وإمْسَاك النَّفس عند الغَضَب عن الانتصار والمخاصمة والمنازعة) [3324] ((شرح النَّووي على مسلم)) (16/162).
قال المناوي: (... ((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة)) بضمٍّ، فَفَتْح، مَن يَصْرَع النَّاس كثيرًا، أي: ليس القَوِيُّ من يقدر على صَرْع الأبطال مِن الرِّجال. ((إنَّما الشَّديد)) على الحقيقة. الذي يملك نفسه عند الغَضَب.
أي: إنَّما القوىُّ -حقيقةً- الذي كَظَم غَيْظَه عند ثَوَرَان الغَضَب، وقاوَم نفسه، وغَلَب عليها، فحوَّل المعنى فيه من القُوَّة الظَّاهرة إلى الباطنة) [3325] ((التيسير بشرح الجامع الصَّغير)) للمناوي (2/321).
- عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من جَرْعَةٍ أعظم أجرًا عند الله، مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ كظمها عبد ابتغاء وجه الله )) [3326] رواه رواه ابن ماجه (3396) واللفظ له، وأحمد (2/128) (6114)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/314) (8307). من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/386): رواته محتج بهم في الصحيح ، وحسن إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (4/163)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (8/236)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (3396)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (733) وقال: رجاله رجال الصحيح.
والمعنى: (ما مِن جَرْعَةٍ أعظم أجرًا عند الله تعالى مِن جَرْعَة غَيْظٍ، كَظَمَها عبدٌ. مع القُدْرَة على التَّنفيذ، شبَّه جَرْع غَيْظِه وردَّه إلى باطنه بتجرُّع الماء، وهي أحبُّ جَرْعةٍ يتجرَّعها العبد، وأعظمها ثوابًا، وأرفعها درجةً لحَبْس نفسه عن التَّشَفِّي، ولا يحصل هذا العِظَم إلَّا عند القُدْرة على الانتقام، وبكفِّ غضبه لله تعالى، ابتغاء وجه الله تعالى) [3327] ((فيض القدير)) للمناوي (5/476).
- وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كظم غيظًا، وهو يستطيع أن يُنفذه، دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق، حتى يخيِّره في أيِّ الحور شاء )) [3328] رواه أبو داود (4777)، والتِّرمذي (2021)، وابن ماجه (3394)، وأبو يعلى (3/66) = = (1497)، والطَّبراني (20/189) (417)، والبيهقي (8/161) (17088). قال التِّرمذي: حسن غريب. وقال الذَّهبي في ((المهذَّب)) (6/3265): فيه أبو مرحوم عبد الرَّحيم ليس بذاك. وضعَّف إسناده ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (28/490)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن التِّرمذي)) (2021). (لأنَّه قهر النَّفس الأمَّارة بالسُّوء، والنَّفس مجبولة -في مثله- على الانتقام، والمجازاة بالإساءة. ولذا كان ذلك مِن آداب الأنبياء والمرسلين، ومِن ثمَّة خدَم أنسٌ المصطفى عشر سنين، فلم يَقُل له في شيء فعله: لِمَ فعلته؟ ولا في شيء تركه: لِمَ تركته؟ حتى يخيِّره في أي الحور شاء. فيختار ما شاء منهنَّ) [3329] ((بريقة محموديَّة)) للخادمي (3/400).

انظر أيضا: