الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: تنزيهُ ذِكر الله تعالى عن الخَلاء


المطلب الأوَّل: ذِكرُ اللهِ في الخلاء
يُكرهُ ذكرُ اللهِ تعالى باللِّسانِ عند قضاءِ الحاجةِ، ومِن ذلك ترديدُ الأذانِ، وتشميتُ العاطِسِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/256)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 36). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/277)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/394). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/66)، ((المجموع)) للنووي (2/89). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/58)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/123).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم، فلم يرد عليه)) رواه مسلم (370).
2- عن المهاجر بن قنفذ: ((أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال " إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر أو قال على طهارة )) أخرجه أبو داود (17) واللفظ له، والنسائي (38)، وأحمد (19056) صحَّحه النووي في ((المجموع)) (3/105)، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (1/394): حسن صحيح. وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تحقيق ((المحلى)) (1/85)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (17)، والوادعيُّ في ((الصحيح المسند)) (1161).
وجه الدَّلالةِ مِن الحديثينِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لم يردَّ السَّلامَ؛ فتركُ ذِكرِ الله تعالى في مثلِ هذه الأماكنِ مِن باب أَولى ((المغني)) لابن قدامة (1/123).
ثانيًا: أنَّ مُقتضى الأدَبِ مع الله تعالى، ألَّا يُذكَرَ في هذه المواطِنِ التي تجتَمِعُ فيها الأخباثُ والنَّجاساتُ؛ فإنَّه يُصانُ عن ذلك؛ تنزيهًا لاسمِه واحترامًا له ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (5/9494).
المطلب الثَّاني: إدخالُ ما فيه ذِكرُ اللهِ إلى الخلاءِ
يُكرَهُ إدخالُ ما فيه ذِكرُ اللهِ تعالى إلى الخلاءِ قال الشوكاني: (والقرآن بالأولى، حتى قال بعضهم: يحرُم إدخال المصحف الخلاء لغير ضرورة) ((نيل الأوطار)) (1/74). ولا تُقاسُ الجَوَّالاتُ التي فيها برامِجُ القُرآنِ الكَريمِ على المُصحَفِ. إلَّا لحاجةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/256)، ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 36). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/277)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/394). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/66)، ((المجموع)) للنووي (2/73). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/58)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/124).  
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن ابن عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجلًا مرَّ، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يبولُ، فسلَّم، فلم يردَّ عليه )) رواه مسلم (370)
وجه الدَّلالة:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على تنزيهِ ذِكرِ اللَّه تعالى ((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/99). ، ومنه عدمُ إدْخالِ ما فيه ذِكرُ اللهِ إلى الخلاءِ.
المطلب الثَّالث: الكلامُ أثناءَ قَضاءِ الحاجةِ
يُكرَه الكلامُ أثناءَ قَضاءِ الحاجةِ لِغَيرِ مَصلحةٍ قال النووي: (يُكرَه الكلامُ على قضاءِ الحاجةِ بأيِّ نوعٍ كان من أنواع الكلامِ، ويُستثنى من هذا كُلِّه مَوضِعُ الضَّرورة، كما إذا رأى ضريرًا يكاد أن يقَع في بئرٍ، أو رأى حيَّةً أو عقربًا أو غيرَ ذلك يقصِدُ إنسانًا، أو نحو ذلك؛ فإن الكلامَ في هذه المواضعِ ليس بمكروه، بل هو واجبٌ) ((شرح النووي على مسلم)) (4/65). وقال ابن عثيمين: (لا ينبغي أن يتكلَّمَ حالَ قَضاءِ الحاجة، إلَّا لحاجةٍ، كما قال الفقهاءُ رحمهم الله، كأنْ يُرشِدَ أحدًا، أو كلَّمَه أحدٌ لا بدَّ أن يردَّ عليه، أو كان له حاجةٌ في شخصٍ وخاف أن ينصَرِف، أو طلَبَ ماء ليستنجِيَ، فلا بأس) ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) (1/119). ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((الفتاوى الهندية)) (1/50)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/213). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/104)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/203)، ((حاشية الصاوي على الشرح الصغير)) (1/90). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/87- 88)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/42). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/63)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/123)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/82). ، وبه قال طائفةٌ مِن السَّلَفِ، وأكثَرُ الفُقَهاءِ قال النووي: (وهذا الذي ذكرناه مِن الكراهةِ في حالِ الاختيارِ هو مذهَبُنا ومذهَبُ الأكثرين، وحكاه ابنُ المُنذِر عن ابن عبَّاس وعطاء وسعيد الجهني وعكرمة رَضِيَ اللهُ عنهم). ((شرح النووي على مسلم)) (4/65)
الدَّليل مِن السُّنَّةِ:
عن ابن عمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجلًا مرَّ، ورسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يبولُ، فسلَّم، فلم يردَّ عليه )) رواه مسلم (370)
وجه الدَّلالة:
أنَّ مَن يقضي حاجَتَه لا يتكلَّم ولا يردُّ سلامًا، ولا يستحقُّ المُسلِّمُ عليه جوابًا ((الإيجاز في شرح سنن أبي داود السِّجستاني)) للنووي (ص: 136).

انظر أيضا: