الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّل: عدَدُ كلماتِ الأذانِ


الأذانُ خَمسَ عشرةَ كلمةً: التكبيرُ في أوله أربعٌ (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر)، والشهادتان أربعٌ (أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنَّ محمدًا رسولُ الله، أشهدَ أنَّ محمدًا رسولُ الله)، والدُّعاء إلى الصَّلاة والفلاحِ أربعٌ (حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح)، والتكبيرُ في آخرِه مرتانِ (الله أكبر، الله أكبر،)، وخُتِمَ بكلمةِ الإخلاصِ مرَّةً واحدةً (لا إلهَ إلَّا الله) قال القاضي عياض: (واعلم أنَّ الأذان كلماتٌ جامعةٌ لعقيدة الإيمان، ومشتَمِلةٌ على نَوعيهِ من العقليَّات والسمعيَّات؛ فابتدأ بإثبات الذات بقوله: "الله" وما تستحقُّه من الكمال والتنزيه عن أضدادها المضمَّنة تحتَ قولك: "الله أكبر"، فإنَّ هذه اللفظة على قلة كلمها، واختصار صِيغتها مُشعِرةٌ بما قلناه لمتأمِّله، ثم صَرَّح بإثباتِ الوحدانيَّة والإلهيَّة ونفْي ضِدِّها من الشركة المستحيلة فى حقِّه، وهذه عُمدةُ الإيمان والتوحيد المقدَّمة على سائرِ وظائفه، ثم ابتدأ بإثباتِ النبوَّة لنبينا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورسالتِه لهداية الخَلْق ودُعائهم إلى الله؛ إذ هي تاليةُ الشَّهادتين، وموضعها من الترتيب بعد ما تقدَّم؛ لأنَّها من باب الأفعال الجائزة الوقوع، وتلك المقدِّمات من باب الواجبات، وهنا كَمل تراجم العقائد - العقليَّات - فيما يجبُ، ويستحيل، ويجوز فى حقِّه تعالى. ثم دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات، فصَرَّح بالصلاة، ثم رتَّبها بعد إثبات النبوَّة؛ إذ معرفة وجوبها من جِهته صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لا من جِهة العقل، ثم الحثِّ والدعاء إلى الفلاح - وهو البقاءُ في النعيم - وفيه الإشعارُ بأمور الآخرة من البعث والجزاء، وهي آخِر تراجم العقائد الإسلاميَّة، ثم تكرَّر ذلك عند إقامة الصَّلاة للإعلام بالشرع فيها للحاضر ومَن قرُب، وفي طيِّ ذلك تأكيدُ الإيمان وتكرارُ ذِكره عند الشروع فى العبادة بالقلب واللِّسان؛ وليدخُل المصلِّي فيها على بَيِّنَةٍ من أمرِه، وبصيرةٍ من إيمانه، ويستشعر عظيمَ ما دخل فيه، وعظيمَ حقِّ مَن عَبدَه، وجزيلَ ثوابِه على عبادته). ((إكمال المعلم)) (2/253). قال النوويُّ بعد نقْل كلام القاضي عياض: (وهو من النفائس الجليلة). ((شرح النووي على مسلم)) (4/89). ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة قال العينيُّ: (الأذان عندنا خَمسَ عشرةَ كلمةً، لا ترجيعَ فيه: التكبير في أوَّله أربع، والشهادتان أربع، والدعاء إلى الصلاة والفلاح أربع، والتكبير في آخِره مرَّتان، وختم بكلمة الإخلاص مرَّة واحدة، وبه قال الثوريُّ، والحسنُ بن علي، وأحمدُ، وإسحاقُ، وغيرهم). ((البناية)) (2/79). ، والشافعيَّة ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/42) ((المجموع)) للنووي (3/90) وزاد الشافعية على ذلِك الترجيعَ في الأذان، وسيأتي بيانُ حُكمه. والحنابلة ((المغني)) لابن قدامة (1/293)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/292). ، وبه قالَ طائفةٌ من السَّلَف ((البناية)) العيني (2/79).
الدليل من السُّنَّة:
عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: ((لَمَّا أمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالناقوسِ يُعمَلُ ليُضربَ به للناسِ لجَمْعِ الصَّلاة، طافَ بي وأنا نائمٌ رجلٌ يحمِلُ ناقوسًا في يده، فقلت: يا عبدَ اللهِ، أتبيعُ الناقوسَ؟ قال: وما تَصنَعُ به؟ فقلت: ندعو به إلى الصَّلاةِ، قال: أفلا أدلُّك على ما هو خيرٌ من ذلِك؟ فقلت له: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفَلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إلهَ إلَّا الله.. )) [434] رواه أبو داود (499)، والبيهقي (1/390) (1909) صحَّحه البخاريُّ كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (1/390)، وصحَّح إسنادَه الخطابيُّ في ((معالم السنن)) (1/130)، وصحَّحه النووي في ((الخلاصة)) (3/76)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/101): له طرقٌ جيِّدة وشاهدٌ. وقال الألبانيُّ في ((صحيح سنن أبي داود)) (499): حسنٌ صحيحٌ. وحسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (567).

انظر أيضا: