الموسوعة الفقهية

 المطلب التاسع: التَّرتيبُ في الغُسل


التَّرتيب بين الأعضاءِ، غيرُ واجبٍ في الغُسل، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفية ((المبسوط)) للسرخسي (1/99)، ((حاشية ابن عابدين)) (1/156). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/136)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/219)، وينظر: ((شرح التلقين)) للمازري (1/203)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/283) ، والشافعية ((المجموع)) للنووي (2/197)، وينظر: ((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (1/259). ، والحنابلة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/153)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/162). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابن عبدِ البَرِّ: (أجمعوا أنَّ غَسلَ الأعضاءِ كلِّها مأمورٌ في غُسلِ الجَنابة، ولا ترتيبَ في ذلك عند الجميعِ) ((التمهيد)) (2/81). وقال القرطبيُّ: (... احتجَّ مَن أجاز ذلك بالإجماعِ على أنْ لا ترتيبَ في غَسلِ أعضاءِ الجَنابة) ((تفسير القرطبي)) (6/99). وقال ابن تيميَّة: (أمَّا في الغُسلِ: فالبدَنُ كعُضوٍ واحدٍ، والعضوُ الواحِدُ لا ترتيبَ فيه بالاتِّفاق) ((مجموع الفتاوى)) (21/418). لكن هناك رواية عند الحنابلة بوجوبِ البَداءة بالمضمضةِ والاستنشاق؛ وعليها: يجِبُ التَّرتيبُ بينها وبين بقيَّةِ البَدَنِ. انظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (1/188).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قولُ الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
أنَّ الله تعالى إنَّما أمَرَ بتطهيرِ البدَنِ بالماء، وبه يحصُلُ امتثالُ الأمر، والتَّرتيبُ أمرٌ زائدٌ لا يلزَمُ إلَّا بدليلٍ خاصٍّ.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أمِّ سَلمةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُّ ضَفْرَ رأسي فأنقضُه لغُسلِ الجنابة؟ قال: ((لا، إنَّما يكفيكِ أن تَحثِي على رأسِكِ ثلاثَ حَثَياتٍ، ثمَّ تُفيضينَ عليك الماءَ فتطهُرينَ )) رواه مسلم (330).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ أسماءَ بنت شَكَل سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن غُسلِ المحيضِ؟ فقال: ((تأخُذُ إحداكنَّ ماءَها وسِدرَتَها، فتطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ، ثمَّ تصبُّ على رأسِها فتدلُكُه دلكًا شديدًا، حتى تبلغَ شؤونَ رأسِها، ثمَّ تصبُّ عليها الماءَ، ثمَّ تأخُذ فِرْصةً مُمسَّكةً فتطَهَّرُ بها. فقالت أسماء: وكيف تطهَّرُ بها؟ فقال: سبحانَ الله! تطهَّرينَ بها، فقالت عائشةُ: كأنَّها تُخفي ذلك: تَتَّبَعينَ أثَرَ الدَّمِ، وسألَتْه عن غُسلِ الجنابةِ، فقال: تأخُذُ ماءً فتطَهَّرُ فتُحسِنُ الطُّهورَ- أو تبلُغ الطُّهورَ- ثم تصبُّ على رأسِها فتدلُكُه حتى تبلُغَ شؤونَ رأسِها، ثمَّ تُفيضُ عليها الماءَ )) رواه البخاري (314)، ومسلم (332) واللفظ له.
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الحديثينِ يدلَّان على أنَّ المطلوبَ لتحقيقِ الغُسل، هو إفاضةُ الماء، وبه يحصُل امتثالُ الأمرِ.
ثالثًا: أنَّ البَدنَ في الغُسلِ كالعُضوِ الواحد، فلو جرَى الماءُ مِن موضِعٍ منه إلى غيرِه، أجزَأَه قال ابن تيميَّة: (البدن في الغُسلِ كالعُضوِ الواحد؛ لا يجِبُ فيه ترتيبٌ). ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/166).

انظر أيضا: