الموسوعة الفقهية

المطلب الثالث: المضمضةُ والاستنشاقُ


من فرائِضِ الغُسلِ: المضمضةُ والاستنشاقُ، وهذا مَذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/13)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/25، 56). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/174)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/154). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (المضمضة والاستنشاق واجبانِ في الطَّهارتين الصُّغرى والكبرى في ظاهِرِ المذهَبِ)، ثم ذكر بقيَّة الأقوالِ في المذهَبِ، وقال بعدها: (والصَّحيحُ الأوَّلُ- يعني الوجوبَ). ((شرح عمدة الفقه لابن تيميَّة- من كتاب الطهارة والحج)) (1/177، 178). ، وابنُ باز قال ابن باز: (المضمضة والاستنشاق واجبتانِ في الغُسل من الجَنابة، والغُسلِ مِن الحيض، وفي الوضوءِ الشرعيِّ). ((فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر)) (5/288، 289). ، وابنُ عثيمين قال ابن عثيمين: (لا يصحُّ الغُسلُ بدونِ المضمضةِ والاستنشاق... فإذا كانَا داخلينِ في غَسلِ الوَجهِ- والوجهُ ممَّا يجِبُ تطهيرُه وغَسلُه في الطَّهارة الكبرى- كان واجبًا على مَن اغتسَلَ مِن الجَنابةِ أن يتمضمَضَ ويستنشِقَ). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/229).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
عُمومُ قَولِ الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
 أنَّ المعنى طهِّروا أبدانَكم؛ واسمُ البَدَنِ يقَعُ على الظَّاهِرِ والباطِنِ، فيجبُ تطهيرُ ما يمكِنُ تطهيرُه منه بلا حرجٍ، وإيصالُ الماءِ إلى داخِلِ الفَمِ والأنفِ مُمكِنٌ بلا حرَج ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/34).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن ميمونةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((وَضعتُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماءً للغُسل، فغسل يديه مرَّتين- أو ثلاثًا- ثمَّ أفرَغَ على شِمالِه فغَسَل مذاكيرَه، ثم مسحَ يدَه بالأرض، ثم مضمَضَ واستنشَقَ، وغسَل وجهَه ويدَيه، ثمَّ أفاض على جسَدِه، ثمَّ تحوَّلَ مِن مكانِه، فغسَلَ قَدَميه )) رواه البخاري (257) واللفظ له، ومسلم (317).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ غُسلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَع بيانًا لمُجَمل الكتاب، وقد تمضمَضَ فيه واستنشَقَ، فدلَّ على لُزومِه ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/45).
ثالثًا: أنَّ المضمضةَ والاستنشاقَ داخلانِ في غَسلِ الوَجهِ، والوجهُ ممَّا يجِبُ غَسله في الطَّهارةِ الكبرى؛ ولذا وجبَ على مَن اغتسل الغُسلَ الواجبَ أن يتمضمَضَ ويستنشِقَ ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/229).

انظر أيضا: