الموسوعة الفقهية

الفرع الثَّامِن: إذْنُ المالِكِ بالتَّذْكيةِ


يَحِلُّ أكلُ الحيوانِ المُذَكَّى بغيرِ إذنِ المالِكِ، إذا أذِنَ المالِكُ لذابِحِه أو غيرِه بأكْلِه، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ [240] ((الدر المختار مع حاشية ابن عابدين)) (6/193)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/132)، ويُنظر: ((شرح مشكل الآثار)) للطحاوي (7/446) ((أحكام القرآن)) للجصاص (4/170).   ، والمالِكيَّةِ [241] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/207)، ويُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (3/287).   ، والشَّافِعيَّةِ [242] ((المجموع)) للنووي (9/78)، ((روضة الطالبين)) للنووي (10/113)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (3/37).   ، والحَنابِلةِ [243] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/200)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/133).   ، وهو قَول بَعضِ السَّلَفِ [244] قال النووي: (وبه قال الزُّهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، ومالك، وأبو حنيفة، والجمهور). ((المجموع)) (9/78).  
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قَولُه تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: 118]
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المذبوحَ بغيرِ إذنِ المالِكِ مِمَّا ذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه، فيَحِلُّ أكلُه بنَصِّ الآيةِ [245] قال الجصَّاص: (ويُحتَجُّ به على جوازِ أكلِ ذَبحِ الغاصِبِ للشَّاةِ المَغصوبةِ، وفي الذَّبحِ بسِكِّينٍ مَغصوبةٍ أنَّ المالِكَ للشَّاةِ له أكلُها؛ لِقَولِه تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ؛ إذ كان ذلك ممَّا قد ذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه). ((أحكام القرآن)) (4/170).  
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن ابنِ كَعبِ بنِ مالِكٍ عن أبيه رضي الله عنه: ((أنَّه كانت لهم غَنَمٌ ترعى بسَلْعٍ، فأبصَرَت جاريةٌ لنا بشاةٍ مِن غَنَمِنا موتًا، فكَسَرَت حَجَرًا فذَبَحَتْها به، فقال لهم: لا تأكُلوا حتى أسألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو أُرسِلَ إليه مَن يَسألُه عن ذلك، وأنَّه سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن ذلك أو أرسَلَ إليه، فأمَرَه بأكْلِها )) [246] أخرجه البخاري (2304).  
وجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ إطلاقَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لكَعبِ بنِ مالِكٍ أكْلَ شاتِه التي ذبحَتْها جاريتُه بغيرِ أمْرِه؛ فيه ما يدُلُّ على أنَّ الحُكمَ فيما ذبَحَه رَجُلٌ مِن الأنعامِ بغَيرِ إذْنِ مالِكِه: أنَّ ذلك ذَكاةٌ له [247] ((شرح مشكل الآثار)) للطحاوي (7/446).  
ثالثًا: أنَّ اللهَ إنَّما حَرَّمَ عليه السَّرِقةَ لا عينَ الذَّبحِ [248] ((التاج والإكليل)) للمواق (3/207).  

انظر أيضا: