الموسوعة الفقهية

المطلب الثَّالِثُ: حُكمُ الخَمرِ إذا خُلِّلَت بنَقلِها


اختَلف أهلُ العِلمِ في الخَمرِ إذا خُلِّلَت بنَقلِها، كما لو نُقِلَت من الظِّلِّ إلى الشَّمسِ، أو العكس؛ هل تَطهُرُ أم لا؟ وذلك على أقوالٍ؛ أقواها قولانِ:
القولُ الأوَّلُ: إذا خُلِّلَت الخَمرُ بنَقلِها مِنَ الظلِّ إلى الشَّمسِ، أو العكس؛ فإنَّها تَطهُرُ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [112] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (6/48)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (10/106).   ، والمالِكيَّةِ [113] ((شرح التلقين)) للمازري (2/3/359)، ((الذخيرة)) للقرافي (4/118).   ، وهو الأصحُّ عند الشَّافِعيَّةِ [114] ((المجموع)) للنووي (2/576)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/81).   ، ووجهٌ عند الحَنابِلةِ [115] قال المرداوي: (وعنه يجوزُ، وأطلقهنَّ ابنُ تميم فيما يُلقى فيها، فعلى المذهب لو خالف وفَعَل، لم تطهُرْ على الصحيحِ مِن المذهَبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونص عليه، وقيل: تَطهُرُ، وفي الوسيلةِ في آخِرِ الرَّهنِ روايةٌ أنَّها تحِلُّ، وعلى الرواية الثانية والثالثة: لو خُلِّلَت طَهُرت، قاله في الفروع، وابن تميم، والفائق، وقال في المستوعب: فإن خُلِّلَت كُرِهَ ولم تَطهُرْ في أصَحِّ الروايتين، وعلى المذهب أيضًا: لو خُلِّلَت بنقلِها من الشمسِ إلى الظلِّ أو بالعكس، أو فرغَ مِن محلٍّ إلى محلٍّ آخرَ، أو ألقى جامدًا فيها؛ ففيه وجهانِ). ((الإنصاف)) (1/230)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/173)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/483).  
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الشِّدةَ المُطْرِبةَ في الخَمرِ قد زالَت مِن غَيرِ نجاسةٍ تَخلُفُها [116] ((البيان)) للعمراني (1/428).  
ثانيًا: أنَّ علَّةَ التَّحريمِ قد زالت، فتكونُ كما لو تخلَّلَت بنَفسِها [117] ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/294).  
القول الثاني: إذا خُلِّلَت الخَمرُ بنَقلِها مِنَ الظِّلِّ إلى الشَّمسِ، أو العَكسِ؛ فإنَّها لا تَطهُرُ، وهو مذهَبُ الحَنابِلةِ [118] ((الإنصاف)) للمرداوي (1/230). وتحِلُّ عندهم إذا نُقِلت من مكانٍ إلى آخَرَ لغيرِ قصدِ التَّخليلِ. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/187).   ، ووجهٌ للشَّافعيَّةِ [119] قال النووي: (وإن نقَلَها من شمسٍ إلى ظلٍّ، أو من ظِلٍّ إلى شمسٍ حتى تخلَّلت؛ ففيه وجهان، أحدهما:  تَطهُرُ؛ لأنَّ الشِّدَّةَ قد زالت من غيرِ نجاسةٍ خلفَتْها، والثاني: لا تَطهُرُ؛ لأنَّه فِعلُ محظورٍ يُوصَلُ به إلى استعجال ما يحِلُّ في الثاني، فلم يحِلَّ به). ((المجموع)) (2/575).   ، وقولُ ابنِ تَيميَّة [120] قال ابن تيميَّة: (أمَّا التَّخليلُ ففيه نزاع، قيل: يجوزُ تخليلُها، كما يُحكى عن أبي حنيفة. وقيل: لا يجوزُ، لكن إذا خُلِّلت طهُرت، كما يُحكَى عن مالك. وقيل: يجوزُ بنَقلِها من الشَّمس إلى الظِّلِّ، وكشْفِ الغطاءِ عنها، ونحوِ ذلك، دون أن يُلقَى فيها شيءٌ، كما هو وجهٌ في مذهب الشافعيِّ وأحمد. وقيل: لا يجوزُ بحالٍ، كما يقولُه مَن يقولُه من أصحاب الشافعيِّ وأحمد، وهذا هو الصَّحيحُ). ((مجموع الفتاوى)) (21/483).   ؛ وذلك لأنَّ للآدَميِّ في تخليلِها فِعلًا، كما لو وضعَ فيها شيئًا فتخلَّلَت [121] ((الشرح الكبير)) لشمس الدِّين ابن قدامة (1/294).   ، ولأنَّه فِعلُ مَحظورٍ يُوصَلُ به إلى استِعجالِ ما يحِلُّ في الثَّاني، فلم يَحِلَّ به [122] ((المجموع)) للنووي (2/575).  

انظر أيضا: