الموسوعة الفقهية

المبحث الرابع: حُكم المسح على اللَّفائف


اختلف أهلُ العِلمِ في حُكمِ المَسح ِعلى اللَّفائِفِ اللَّفائف: جمع لِفافة، وهي ما يُلفُّ على الرِّجلِ وغَيرِها. ((لسان العرب)) لابن منظور (9/317). على قَولينِ:
القول الأوّل: لا يجوز المسحُ على اللَّفائِفِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (1/95-96)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10). ، والمالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (1/319)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (1/332). ، والشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (1/498)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/364، 365). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/198)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/216). ، وحُكيَ فيه الإجماعُ قال ابنُ قدامة: (لا يجوز المسحُ على اللَّفائِفِ والخِرَقِ... وذلك لأنَّ اللِّفافةَ لا تثبُتُ بِنَفسِها، إنَّما تثبُتُ بشدِّها، ولا نعلَمُ في هذا خلافًا). ((المغني)) (1/216، 217)
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ اللفائفَ لا تُسمَّى خُفًّا، ولا هي في معناه، والرُّخصةُ إنما جاءت في مَسحِ الخفَّين.
ثانيًا: أنَّ الخِرَقَ ونحوها لا تعمُّ الحاجةُ إليها، كما أنَّه لا مشقَّةَ في نَزعِها ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/10)، ((الذخيرة)) للقرافي (1/324).
القول الثاني: يجوز المسحُ على اللَّفائِفِ، وهو وجهٌ للحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/137)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/185). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (الصوابُ: أنْ يمسحَ على اللَّفائِفِ، وهي بالمسحِ أَوْلى من الخفِّ والجورَبِ؛ فإنَّ تلك اللَّفائِفَ إنَّما تُستعمَلُ للحاجةِ في العادة، وفي نزْعِها ضررٌ، إمَّا إصابةٌ بالبَرد، وإمَّا التأذِّي بالحَفاءِ، وإمَّا التأذِّي بالجُرح... ومَن ادَّعى في ذلك إجماعًا فليس معه إلَّا عَدَمُ العِلمِ، ولا يمكِنُه أن ينقُل المنعَ عن عشرةٍ مِن العُلَماءِ المشهورين، فضلًا عن الإجماعِ...). ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (21/185). ، وابنُ عثيمين سُئل ابن عثيمين: هل يدخُل في معنى الخفِّ اللَّفائفُ؟ فأجاب: (نعَمْ، يدخل في معنى الخفِّ اللَّفائفُ؛ لأنَّ اللَّفائفَ يُعذر فيها صاحبُها أكثرَ من الخفِّ؛ لأنَّ الذي يخلَعُ الخفَّ ثم يغسِلُ الرِّجل ثم يَلبَس الخفَّ، أسهَلُ من الذي يحُلُّ هذه اللَّفائِفَ ثم يُعيدُها مرةً أُخرى، فإذا كان الخفُّ قد أباح الشرعُ المسحَ عليه، فاللِّفافة من باب أَوْلى). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/168). وقال ابن حزم: (المسحُ على كلِّ ما لُبِس في الرِّجلين- ممَّا يحِلُّ لباسُه، ممَّا يبلُغُ فوق الكعبين، سُنَّةٌ، سواء كانا خفَّينِ من جلودٍ أو لبود، أو عودٍ أو حَلفاء، أو جوربين من كَتَّان أو صُوفٍ أو قُطن، أو وبَر أو شَعر- كان عليهما جلدٌ أو لم يكُن- أو جُرموقَين [الجُرموق: خُفٌّ صغير يُلبَس فَوق الخُفِّ]، أو خفَّين على خفَّين، أو جَوربين على جَوربين، أو ما كثُرَ من ذلك، أو هِراكَس [هو حِذاء رِيفيٌّ من الجِلد]). ((المحلى)) (1/321). ؛ وذلك قياسًا على الخفِّ، فإذا كان الخفُّ قد أباح الشرعُ المسحَ عليه، فاللِّفافةُ من باب أَوْلى؛ فمَن يَلبَسها غالبًا يكون مِن أهل الحاجةِ، ولُبْسُها يكون للبَردِ أو للتأذِّي بالحَفاءِ، أو للتأذِّي بالجُرحِ ((مجموع فتاوى ابن تيميَّة)) (21/185)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/168).

انظر أيضا: