الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: مَن اشتبَهَ عليه الطَّهورُ بالنَّجس( صورته: أن تكون هناك أوانٍ فيها ماءٌ طَهورٌ، وأوانٍ فيها ماءٌ نَجِسٌ، فاختلطت عليه الأواني فلم يميِّزِ الماءَ الطَّهورَ من الماء النَّجِس، ويُتصوَّر الاشتباهُ عند من يُنجِّسُ الماءَ القليلَ بمجرَّد الملاقاةِ ولو لم يتغيَّرْ، ويُتصوَّر أيضًا عند من لا ينجِّس الماءَ إلَّا بالتغيُّر كأن يختلِطَ بعضها بترابٍ نجسٍ، وبعضها بترابٍ طاهرٍ، واشتبهت عليه هذه من تلك ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/247)، ((حاشية الدسوقي)) (1/82) ومحل الخلاف: - إذا لم يكنْ عنده ماءٌ طَهورٌ بيقينٍ - إذا لم يُمكِنْه تطهيرُ أحدهما بالآخر يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/249)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/64) )


من اشتَبهَ عليه ماءٌ طَهورٌ بآخرَ نجِسٌ، فإنَّه يتحرَّى التحرِّي: هو طَلَبُ الصوابِ، والتفتيشُ عن المقصودِ. ((المجموع)) للنووي (1/169). ، ويتطهَّرُ بما يغلبُ على ظنِّه طُهوريَّته، وهذا مَذهَبُ الشافعيَّة بل ذهب الشافعيَّة إلى أكثر من ذلك، وهو جوازُ الوُضوءِ مِن الماء المشتبَه، ولو كان قادرًا على التطهُّرِ مِنَ الماء المتيقَّن كأنْ يكون على شطِّ نهرٍ، أو أن يبلغ الماءُ قُلَّتين بالخَلطِ؛ وعلَّلوا ذلك (جوازَ العُدولِ إلى المظنونِ مع وجود المتيقَّنِ) بأنَّ الصحابةَ رَضِيَ الله تعالى عنهم كان بعضُهم يَسمَعُ من بعضٍ مع قدرتِه على المتيقَّنِ، وهو سماعُه من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. ((المجموع)) للنووي (1/180)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/26)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/344، 345). ، وبه قال داودُ الظاهريُّ، وأبو ثور، وسحنون المالكيُّ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/248)، ((حاشية الدسوقي)) (1/83)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (1/50)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/63). ، واختاره ابن العربيِّ ((مواهب الجليل)) للحطَّاب (1/248). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (قال الشَّافعي رحمه الله: يتحرَّى. وهو الصَّوابُ) ((الشرح الممتع)) (1/61، 62).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
عموم ما ورد عن عبد الله بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه، فليتحرَّ الصوابَ قال ابن عثيمين: (هذا دليلٌ أثريٌّ في ثبوتِ التحرِّي في المُشتبِهات) ((الشرح الممتع)) (1/61،62). )) رواه البخاري (401)، ومسلم (572)، واللفظ له.
ثانيًا: أنه طريقٌ يمكِنُ التوصُّلُ إليه بالاستدلالِ، فجاز الاجتهادُ فيه، كالاجتهادِ عند اشتباهِ القِبلةِ ((المجموع)) للنووي (1/180).
ثالثًا: أنَّ مِنَ القواعِدِ المقرَّرةِ عند أهل العلم: أنَّه إذا تعذَّر اليقينُ رُجِعَ إلى غَلَبةِ الظنِّ، وهنا تعذَّر اليقينُ فنرجِعُ إلى غلبةِ الظنِّ، وهو التحرِّي ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/62).

انظر أيضا: