الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: حكمُ من نذَرَ الاعتكافَ قبلَ إسلامِه


من نذرَ الاعتكافَ قبل أن يُسلِمَ، فيجِبُ الوفاءُ به بعد إسلامِه، وهذا قَولُ أهلِ الظَّاهِرِ ((المحلى)) لابن حزم (5/183)، قال ابنُ حجر: (وبه جزم الطبري والمغيرة بن عبد الرحمن من المالكيَّة، والبخاري، وداود وأتباعُه) ((فتح الباري)) (11/582). ، وهو روايةٌ عن أحمد ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (3/472). ، واختاره ابنُ بطَّالٍ قال ابنُ حجر: (قال ابنُ بطال: من نذر أو حلَف قبل أن يُسلِمَ على شيءٍ يجبُ الوفاءُ به لو كان مسلمًا؛ فإنّضه إذا أسلَمَ يجِبُ عليه، على ظاهِرِ قصَّةِ عُمرَ) ((فتح الباري)) (11/582). ، والبَغَويُّ قال البغوي: (في هذا الحديث دليلٌ على أنَّ مَن نذر في حال كُفرِه بما يجوز نذره في الإسلام، صحَّ نَذْرُه، ويجب عليه الوفاءُ به بعد الإسلام) ((شرح السنة)) (6/402). ، والصنعاني قال الصنعاني: (دل الحديثُ على أنَّه يجِبُ على الكافر الوفاءُ بما نذر به إذا أسلم) ((سبل السلام)) (4/115). ، والشنقيطي قال الشنقيطي: (اشتراط الإسلامِ في النذر فيه نظر؛ لأنَّ ما نذره الكافِرُ من فِعْلِ الطاعات قد ينعقِدُ نَذْرُه له، بدليل أنَّه يَفعَلُه إذا أسلم بعد ذلك، ولو كان لَغوًا غيرَ مُنعقِدٍ، لَمَا كان له أثرٌ بعد الإسلامِ، فقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعُمَرَ في هذا الحديث الصحيح: ((أوفِ بنَذْرِكَ)). مع أنَّه نَذَرَه في الجاهلية، صريحٌ في ذلك كما ترى) ((أضواء البيان)) (5/248). ، وابن عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (لو كان الناذر كافرًا، فإنَّ نَذْرَه ينعقِدُ، فإنْ وفى به في حال كُفرِه بَرِئَت ذِمَّتُه، وإن لم يَفِ به لَزِمَه أن يُوفِيَ به بعد إسلامِه؛ لأن عمَرَ بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عنه سأل النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (إني نذرْتُ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحرام في الجاهلية، فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوفِ بِنَذْرِك). والأمر هنا للوجوبِ، وإيجابُ الوفاءِ عليه لِنَذْرِه فرعٌ عن صِحَّتِه؛ لأنه لو كان غيرَ صحيحٍ، ما وجب الوفاءُ به) ((الشرح الممتع)) (15/209).
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عُمَرَ سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: كنتُ نَذَرْتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحَرامِ. قال: فأوفِ بِنَذرِك )) رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656).

انظر أيضا: