الموسوعة الفقهية

المبحث الخامس: خروجُ دَمِ الحَيضِ والنِّفاسِ


المطلب الأول: حُكمُ صومِ مَن حاضَتَ أو نَفِسَتْ أثناءَ نهارِ رَمَضانَ
مَن حاضَت أو نَفِسَتْ أثناءَ نهارِ رَمَضانَ؛ فقد فسدَ صَومُها، ويلزَمُها قضاؤه قال ابنُ عُثيمين: (فإن قيل: ما الحكمةُ أنها تقضي الصَّومَ، ولا تقضي الصلاة؟ قلنا: الحكمةُ قَولُ الرَّسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... واستنبَطَ العُلَماءُ- رحمهم الله- لذلك حكمةً، فقالوا: إنَّ الصَّومَ لا يأتي في السَّنةِ إلا مرَّةً واحدة، والصَّلاةُ تتكَرَّر كثيرًا، فإيجابُ الصومِ عليها أسهَلُ؛ ولأنَّها لو لم تقْضِ ما حصل لها صَومٌ. وأمَّا الصَّلاةُ فتتكَرَّرُ عليها كثيرًا، فلو ألزَمْناها بقضائِها، لكان ذلك عليها شاقًّا؛ ولأنها لن تعدِمَ الصَّلاةَ لِتَكَرُّرِها، فإذا لم تحصُلْ لها أوَّلَ الشَّهرِ حصَلَت لها آخِرَه) ((الشرح الممتع)) (1/476).
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((... أليس إذا حاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ )) رواه البخاري (304) واللفظ له، ومسلم (80).
2- قول عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها لَمَّا سُئِلَت: ((ما بالُ الحائضِ تقضي الصَّومَ، ولا تقضي الصَّلاةَ؟ قالت: كان يُصيبُنا ذلك على عَهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاةِ)) رواه البخاري (321)، ومسلم (335) واللفظ له.
ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص 40). ((المجموع)) للنووي (2/355)، وقال النووي: (قولها ( فنُؤمَرُ بقضاءِ الصَّومِ، ولا نؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاة) هذا الحُكمُ مُتَّفَقٌ عليه؛ أجمع المسلمونَ على أنَّ الحائِضَ والنُّفَساءَ لا تجِبُ عليهما الصَّلاةُ ولا الصَّومُ في الحالِ، وأجمعوا على أنَّه لا يجِبُ عليهما قضاءُ الصَّلاةِ، وأجمعوا على أنَّه يجِبُ عليهما قضاءُ الصَّومِ) ((شرح النووي على مسلم)) (4/26). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رشد: (واتَّفق المسلمونَ على أنَّ الحيضَ يمنَعُ أربعةَ أشياءَ: أحدها: فِعلُ الصلاة ووجوبُها، أعني: أنَّه ليس يجِبُ على الحائِضِ قَضاؤها، بخِلافِ الصَّومِ. والثاني: أنَّه يمنَعُ فِعلَ الصَّومِ، لا قضاءَه..). ((بداية المجتهد)) (1/56). ، والنَّوويُّ ((المجموع)) (2/355)، وقال النووي: (قولها ( فنُؤمَرُ بقضاءِ الصَّومِ، ولا نؤمَرُ بقَضاءِ الصَّلاة) هذا الحُكمُ مُتَّفَقٌ عليه؛ أجمع المسلمونَ على أنَّ الحائِضَ والنُّفَساءَ لا تجِبُ عليهما الصَّلاةُ ولا الصَّومُ في الحالِ، وأجمعوا على أنَّه لا يجِبُ عليهما قضاءُ الصَّلاةِ، وأجمعوا على أنَّه يجِبُ عليهما قضاءُ الصَّومِ) ((شرح النووي على مسلم)) (4/26). ، وابنُ تيمية قال ابنُ تيميَّة: (ثبَت بالسُّنة واتِّفاقِ المُسلِمينَ أنَّ دمَ الحَيضِ يُنافي الصَّومَ، فلا تصومُ الحائِضُ، لكِنْ تَقضي الصِّيامَ). ((مجموع الفتاوى)) (25/220). وقال أيضًا: (خروجُ دَمِ الحَيضِ والنِّفاسِ يُفطِّرُ باتِّفاقِ العُلَماءِ). ((مجموع الفتاوى)) (25/267). وقال أيضًا: (كما يحرُمُ على الحائِضِ الصَّلاةُ والصِّيامُ، بالنَّصِّ والإجماعِ). ((مجموع الفتاوى)) (26/176). وقال أيضًا: (ولا يجوزُ صيام أيَّامِ الحَيضِ، باتِّفاق المُسلِمين). ((مجموع الفتاوى)) (33/123).
المطلب الثاني: حُكمُ إمساكِ بقيَّةِ اليومِ لِمَن فسدَ صومُها بخروجِ دَمِ الحَيضِ أو النِّفاسِ
مَن فَسد صومُها بخروجِ دمِ الحَيضِ أو النِّفاس؛ فإنَّه لا يلزَمُها إمساكُ باقي اليومِ، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة ((البناية شرح الهداية)) للعيني (4/100)، وينظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/232). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/327،411)، وينظر: ((المدونة الكبرى)) (1/276). ، والشَّافِعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/371).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّها ليست بأهلٍ للصَّومِ، والتشبُّهُ بأهلِ العِبادةِ لا يصِحُّ مِن غَيرِ الأهلِ ((تحفة الفقهاء)) للسمرقندي (1/ 365).
ثانيًا: لأن الحَيضَ لو كان موجودًا في أوَّلِ النَّهارِ لم تُؤمَرْ بالصِّيامِ ((أحكام القرآن)) للجصاص (1/232).
المطلب الثالث: الحَيضُ لا يَقطَع التتابُع
إذا كان على المرأةِ صيامُ شَهرينِ متتابعَينِ، فلا يَقطعُ التَّتابُعَ حدوثُ الحَيضِ.
الدَّليل:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر، وابنُ تيميَّة ((الإشراف)) لابن المنذر (3/150)، ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 50)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/139)، (26/209)، (34/170).

انظر أيضا: