الموسوعة الفقهية

المبحث الأوَّل: نِصاب زكاة البقر


يبدأ نِصابُ البَقَرِ من ثلاثين بقرةً، وفيها تبيعٌ أو تبيعة، وفي الأربعينَ مُسِنَّة التَّبيعُ ما أتمَّ سَنَةً، والمُسنَّةُ ما أتمَّتْ سنتين. ينظر: ((حاشية ابن عابدين)) (2/280)، ((المجموع)) للنووي (5/415)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/191)، ((حاشية العدوي)) (1/501). ، وإذا كانت ستِّين ففيها تبيعانِ أو تبيعتانِ، ثم هكذا: في كلِّ ثلاثينَ تبيعٌ أو تبيعة، وفي كلِّ أربعينَ مُسنَّة، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّة الأربَعةِ: الحنفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/336)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/231). ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير (1/435)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/89، 90). ، والشافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (2/152)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/54). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/191)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين بن قدامة (2/499). ، وهو مذهَبُ الظَّاهِريَّة كان ابنُ حزم يخالِفُ في ذلك، ثم رجع إليه، وفي ذلك يقول: (ثم استدرَكْنا فوجدْنا حديثَ مسروقٍ إنَّما ذَكَرَ فيه فعل معاذ باليَمَن في زكاةِ البَقَر؛ وهو بلا شكٍّ قد أدرك معاذًا وشهِد حُكمَه وعَمَلَه المشهورَ المُنتَشِر، فصار نقْلُه لذلك- ولأنَّه عن عهدِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم- نقلًا عن الكافَّةِ عن معاذٍ بلا شكٍّ؛ فوجَبَ القَولُ به) ((المحلى)) (4/106). ، وقد حُكِيَ الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (لا خلافَ بين العلماء أنَّ السُّنةَ في زكاةِ البَقَرِ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابِه؛ ما قال معاذُ بن جبلٍ: في ثلاثين بقرةً تبيعٌ، وفي أربعينَ مسنَّةٌ، والتبيعُ والتبيعةُ في ذلك عندهم سواءٌ). ((التمهيد)) (2/273، 274). وقال أيضًا: (ولا خلافَ بين العلماء أنَّ السُّنةَ في زكاةِ البَقَرِ ما في حديث معاذٍ هذا، وأنَّه النِّصَابُ المُجتَمَع عليه فيها). ((الاستذكار)) (3/188). وقال الصنعاني: (والحديثُ دليلٌ على وجوبِ الزَّكاةِ في البَقَرِ، وأنَّ نِصابَها ما ذُكِرَ، وهو مُجمَعٌ عليه في الأمرين). ((سبل السلام)) (2/125). لكنَّ الخلافَ ثابِتٌ في تحديدِ نِصابِ البَقَرِ، وأشار إلى ذلك ابنُ قدامة بقوله: (لا زكاةَ فيما دون الثلاثينَ مِنَ البَقَرِ في قولِ جُمهورِ العُلَماء وحكي عن سعيد بن المسيب، والزهري أنهما قالا: في كل خمس شاة). ((المغني)) (2/442)، وينظر: ((المحلى)) (6/5 رقم 673).
الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
1- عن مُعاذِ بنِ جَبلٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا وجَّهه إلى اليَمَنِ أمَرَه أن يأخُذَ مِنَ البَقَرِ: مِن كلِّ ثلاثينَ، تبيعًا أو تبيعةً، ومن كل أربعينَ، مُسنَّةً )) رواه أبو داود (1576)، والترمذي (623)، والنسائي (5/25)، وابن ماجه (1803)، وأحمد (5/230) (22066)، وابن خزيمة (4/19) (2268)، وابن حبان (11/244) (4886)، حسَّنه الترمذي، والبغويُّ في ((شرح السنة)) (5/658)، وصحَّحه ابن عَبدِ البَرِّ في ((التمهيد)) (2/130)، وقال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (25/36): ثابت، وحسن إسناده النووي في ((الخلاصة)) (2/1092)، وجوَّد إسناده ابن القيم في ((أحكام أهل الذمة)) (1/129)، وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1576).
2- عن أبي بكرِ بنِ مُحمَّدِ بنِ عَمروِ بنِ حَزم،ٍ عن أبيه، عن جدِّه: ((أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم كتَبَ إلى أهلِ اليَمَنِ كتابًا فيه الفرائِضُ والسُّنن, وبعثه مع عمرِو بنِ حَزمٍ)), وفيه: ((في كلِّ ثلاثينَ باقورةً الباقورة: البقر بلغة اليمن. ((النهاية)) لابن الأثير (1/145). تبيعٌ جَذَعٌ أو جَذَعةٌ, وفي كلِّ أربعينَ باقورةً بَقَرةٌ )) روى جزءًا منه: النسائي (8/57)، والدارمي (2/253)، ورواه ابن حبان (14/501) (6559)، والحاكم (1/552)، والبيهقي (4/89) (7507)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (22/305). قال الإمامُ أحمد كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (4/89) وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (22/305): أرجو أن يكون صحيحًا، وقال الدارمي وأبو زرعة الرازي وأبو حاتم الرازي كما في ((السنن الكبرى)) للبيهقي (4/89): موصول الإسناد حسنًا، وقال الذهبي في ((المهذب)) (3/1442): هو كتاب محفوظ يتداوله آل حزم، وإنما الشأن في اتِّصال سنده.

انظر أيضا: