الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: السَّومُ


الفرع الأوَّل: معنى السَّائمة
السائمة لُغةً: الإبِلُ الرَّاعِيَةُ، يقال: سامَتِ الرَّاعية والماشِيَةُ والغَنَمُ تسومُ سَوْمًا؛ إذا رعَتْ حيث شاءَت، ولَا تُعلَفُ في الأصْلِ ((لسان العرب)) لابن منظور (12/311).
السَّائمة اصطلاحًا: هي التي ترْعى في الكَلأِ المُباحِ قال ابن عثيمين: (المباح هنا ليس ضدَّ المحرَّمِ، وإنما الذي نبَتَ بفعلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ليس بفِعْلِنا) ((الشرح الممتع)) (6/51). مِن نباتِ البَرِّ، وتَكتفي بالرَّعيِ، فلا تحتاجُ إلى أن تُعلَف ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/30)، ((الفروع)) لابن مفلح (4/5)، ((حاشية الجمل)) (2/233)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (23/250).
الفرع الثاني: اشتراط السَّوم
يُشتَرَط في وجوبِ زكاةِ الأنعامِ أن تكون سائمةً قال ابنُ مفلح: (فلو اشترى لها ما ترعاه وجَمَعَ لها ما تأكُلُ، فلا زكاة) ((الفروع)) (4/5). ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/259)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/193). ، والشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/235)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/66). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/ 248)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/430)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (2/467). ، وبه قال أكثرُ أهل العِلم قال شمس الدين ابن قدامة: (المعلوفة والعوامل... لا زكاة فيها عند أكثر أهل العِلم). ((الشرح الكبير)) (2/467).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن معاويةَ بنِ حَيدةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((في كلِّ سائمةِ إبِلٍ: في أربعين، بنتُ لَبُونٍ، لا يُفرَّقُ إبِلٌ عن حسابِها )) رواه أبو داود (1575)، والنسائي (5/15)، وأحمد (5/2) (20030)، والدارمي (1/486) (1677)، وابن خزيمة (4/18) (2266). صححه علي بن المديني وأحمد بن حنبل كما في ((تهذيب السنن)) (4/453)، وقال ابن معين كما في ((التلخيص الحبير)) (2/737): إسناده صحيح إذا كان مَن دون بهزٍ ثقةً، وقال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (1/296): لا أعلم له علَّةً غيرَ بَهزٍ، والجمهورُ على توثيقِه، وحسَّن إسنادَه ابن حجر في ((الكافي الشافي)) (221)، وصحح إسناده العيني في ((عمدة القاري)) (9/19)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1575).
2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ أبا بكر رَضِيَ اللهُ عنه، كتب له هذا الكتابَ لَمَّا وجَّهه إلى البحرين: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيم، هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فرَضَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمينَ...)) وفيه: ((وفي صَدَقةِ الغَنَمِ؛ في سائمتها إذا كانتْ أربعينَ إلى عشرين ومئةٍ، شاةٌ... )) رواه البخاري (1454).
وجه الدَّلالة من الحديثينِ:
أنَّ مفهومَ الأمرِ بزكاةِ السَّائمة يدلُّ على أنَّ المعلوفةَ لا زكاةَ فيها ((المحلى)) لابن حزم (6/46 رقم 678)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/66)، ((المجموع)) للنووي (5/357).
ثانيًا: أنَّ السَّائمةَ تُوفَّرُ مُؤنَتُها بالرَّعي في كلأٍ مباحٍ، فناسب وجوبَ الزَّكاة فيها ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/380)، ((حاشية الجمل)) (2/232).
ثالثًا: أنَّ وصفَ النَّماءِ مُعتبَرٌ في الزَّكاة، والمعلوفةُ يستغرِقُ علفُها نماءَها ((المغني)) لابن قدامة (2/430)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/194).
الفرع الثالث: تحديدُ مدَّة السَّوم
يُشتَرَط أن تكونَ سائمةً حولًا كاملًا، أو أكثَرَ الحَوْلِ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/259)، ويُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/194). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/183)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/431). ، ووجه عند الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/358)، ويُنظر: ((نهاية المطلب في دراية المذهب)) لأبي المعالي الجويني (3/204). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابنُ تيمية: (إذا كانت راعيةً أكثر العام مثل أن يَشتري لها ثلاثة أشهر أو أربعة، فإنَّه يزكيها، هذا أظهرُ قولَي العلماء). ((مجموع الفتاوى)) (25/48). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (المواشي من الإبل والبقر والغنم، لها نُصُبٌ معلومةٌ، لا تجِبُ فيها الزَّكاةُ حتى تبلُغَها مع توافُر الشروط التي من جملتها: أن تكون الإبِلُ والبقرُ والغنمُ سائمةً، وهي الراعيةُ جميعَ الحَوْلِ أو أكثَرَه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/58). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (أمَّا إذا كان الإنسانُ يَقتنيها للنَّسل والدرِّ، فهذه ليس فيها زكاةٌ إلَّا إذا كانت سائمةً. والسائمةُ هي التي ترْعى الْمُباحَ؛ أي ترعى ما أنبتَه اللهُ عزَّ وجلَّ مِنَ النَّبات السَّنةَ كاملةً أو أكثَرَها، فإذا كان يَصرِفُ عليها؛ فلا زكاة فيها). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/50).
أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن معاويةَ بن حَيْدَة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((في كلِّ سائمةِ إبلٍ: في أربعينَ بنتُ لَبونٍ، لا يُفرَّق إبِلٌ عن حسابِها )) رواه أبو داود (1575)، والنسائي (5/15)، وأحمد (5/2) (20030)، والدارمي (1/486) (1677)، وابن خزيمة (4/18) (2266). صححه علي بن المديني وأحمد بن حنبل كما في ((تهذيب السنن)) (4/453)، وقال ابن معين كما في ((التلخيص الحبير)) (2/737): إسناده صحيح إذا كان مَن دونَ بهزٍ ثقةً، وقال ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (1/296): لا أعلم له علَّةً غيرَ بهزٍ، والجمهور على توثيقه، وحسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((الكافي الشافي)) (221)، وصحح إسنادَه العيني في ((عمدة القاري)) (9/19)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1575)
2- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ أبا بكر رَضِيَ اللهُ عنه، كتب له هذا الكتابَ لَمَّا وجَّهه إلى البحرين: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيم، هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فرَضَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمينَ...)) وفيه: ((وفي صَدَقةِ الغَنَمِ؛ في سائمتها إذا كانتْ أربعينَ إلى عشرين ومئةٍ، شاةٌ... )) رواه البخاري (1454).
وجه الدَّلالة:
أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أوجَبَ الزَّكاةَ في السَّائمة، وهي لا تزولُ بالعلْفِ اليسيرِ شَرعًا ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/195).
ثانيًا: أنَّ السَّائمةَ لا تكتفي بالسَّومِ في العادةِ في جميعِ السَّنةِ، لا سيَّما في زمَنِ شدَّةِ البَردِ والثَّلج والأمطار المستمرَّة، فلو اعتُبِرَ السَّومُ في جميعِ السَّنةِ لانتفَتِ الزَّكاةُ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/195).
ثالثًا: أنَّ اليسيرَ مِنَ العَلْفِ لا يمكِنُ الاحترازُ عنه (تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/259)، ((المغني)) لابن قدامة (2/431).
رابعًا: أنَّ القليل تابعٌ للأكثَرِ ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/194)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/183).
خامسًا: أنَّ وجوبَ الزَّكاةِ فيها لحصولِ معنى النماءِ وقلَّةِ المُؤنَةِ، وهذا المعنى يحصُلُ إذا أُسيمَتْ في أكثَرِ السَّنة ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/30).
سادسًا: أنَّ السَّومَ وصفٌ معتبَرٌ في رَفعِ الكُلفةِ، فاعتُبِرَ فيه الأكثَرُ، كالسَّقيِ بما لا كُلفةَ في الزَّرعِ والثِّمارِ ((المغني)) لابن قدامة (2/431).
سابعًا: أنَّ اعتبارَ السَّومِ في كلِّ العامِ إجحافٌ بالفقراءِ، والاكتفاءُ به في البعضِ إجحافٌ بالمُلَّاكِ، وفي اعتبارِ الأكثَرِ مراعاةٌ للملَّاكِ والفُقَراء ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/183).

انظر أيضا: