الموسوعة الفقهية

المطلب التاسع: إسراعُ تجهيزِه


تُستحَبُّ المبادرةُ بتجهيزِ الميِّتِ عند تيقُّنِ مَوْتِه [7414] ولا بأسَ أن ينتظِرَ به من يحْضُره إن كان قريبًا، ولم يُخْشَ عليه أو يَشُقَّ على الحاضرينَ؛ لِمَا يُرجَى له بكثرةِ الجَمْعِ. يُنظر: ((الإنصاف)) للمرداوي (2/328). ، فإنْ شُكَّ في مَوْتِه أُخِّرَ وجوبًا [7415] قال الدردير: (ومن مات فجأةً أو تحت هدمٍ أو بمرضِ السَّكتةِ؛ فلا يُندَب الإسراعُ، بل يجِبُ تأخيرُهم حتى يتحقَّقَ مَوْتُهم، ولو يومين أو ثلاثةً؛ لاحتمالِ حياتِهم) ((الشرح الكبير)) (1/415). وقال النوويُّ: (فإن مات فجأةً لم يُبادَرْ بتجهيزه؛ لئلَّا تكونَ به سكتةٌ ولم يمُت، بل يُتْرَك حتى يتحقَّق موتُه... قال الشيخ أبو حامد: هذا الذي قاله الشافعي صحيحٌ؛ فإذا مات من هذه الأسبابِ أو أمثالِها يجوزُ أن يُبادَرَ به، ويجبُ تَرْكُه والتأني به اليومَ واليومينِ والثلاثةَ؛ لئلَّا يكون مُغمًى عليه، أو غيره ممَّا قاله الشافعي، ولا يجوز دفْنُه حتى يتحقَّقَ موته). ((المجموع)) (5/125). وقال ابن عثيمين: (فإن مات فجأةً؛ فإنَّه لا يُسَنُّ الإسراعُ بتجهيزِه؛ لاحتمالِ أن تكون غشيةً لا موتًا، والمسألةُ خطيرة؛ لأنَّه لو كانت غشيةً ثم جهَّزناه ودفنَّاه، ولم تكن موتًا، صار في ذلك قتلٌ لنفسٍ، فالواجِبُ إن مات فجأةً أن ننتظِرَ به). ((الشرح الممتع)) (5/258). ، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحَنفيَّة [7416] ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 400) ((حاشية ابن عابدين)) (2/232). ، والمالِكيَّة [7417] ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/26). ويُنظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/123). ، والشَّافعيَّة [7418] ((المجموع)) للنووي (5/124)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/332). ، والحَنابِلَة [7419] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/84). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/336).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أَسْرِعوا بالجِنازة )) [7420] أخرجه البخاري (1315) واللفظ له، ومسلم (944).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه إذا كان الإسراعُ في التَّشييعِ مطلوبًا مع ما فيه مِنَ المشَقَّة على المُشَيِّعينَ، فالإسراعُ في التَّجهيزِ من بابِ أَوْلى [7421] ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/257). قال ابن حجر: (قوله بالجِنازَة؛ أي: بِحَمْلِها إلى قَبرِها، وقيل: المعنى بتجهيزِها؛ فهو أعمُّ مِنَ الأوَّلِ). ((فتح الباري)) (3/184).
ثانيًا: أنَّه أصوَنُ له وأحفَظُ من التغيُّرِ [7422] ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/84).

انظر أيضا: