الموسوعة الفقهية

المبحث الثالث: وقتُ خُطبةِ الاستسقاءِ


اختَلَف الفقهاءُ في خُطبة الاستسقاءِ؛ هل هي قبلَ الصلاةِ أو بعدَها؟ على أقوالٍ، أشهرُها قولان:
القول الأوّل: أنَّ وقتَ خُطبةِ الاستسقاءِ بعدَ الصَّلاةِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/596)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/111)، ((المنتقى))‏ للباجي (1/332). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/83)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/519). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/69)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/321). ، وقول أبي يُوسَفَ ومحمَّد بن الحسن مِنَ الحَنَفيَّة ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/283)، ((المغني)) لابن قدامة (2/321). ، وهو قولُ جماعةِ الفُقهاءِ قال ابنُ عبد البَرِّ: (الخُطبة فيها بعدَ الصَّلاة، وعليه جماعةُ الفقهاء) ((التمهيد)) (17/172).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عبدِ اللهِ بن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((خرَج النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم متواضعًا، متبذِّلًا، متخشِّعًا، مترسِّلًا، متضرِّعًا، فصلَّى ركعتينِ كما يُصلِّي في العيد، لم يخطُبْ خُطبتَكم هذه )) [7110] رواه أبو داود (1165)، والترمذي (558)، والنسائي (1521)، وابن ماجه (1266). قال الترمذيُّ: حسن صحيح، واحتجَّ به ابنُ حزم في ((المحلى)) (5/94)، وصحَّحه النوويُّ في ((المجموع)) (5/66)، وابن الملقِّن في ((البدر المنير)) ( 5/143)، وحسَّنه ابنُ حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/476)، والألبانيُّ في ((صحيح ابن ماجه)) (1053).
ثانيًا: أنَّها صلاةُ ذاتِ تكبيرٍ؛ فأشبهتْ صلاةَ العِيدِ ((المغني)) لابن قدامة (2/321).
القول الثاني: أنَّ الإمامَ مُخيَّرٌ بين الخُطبةِ قَبل الصَّلاةِ، أو الخُطبة بعدَها، وهي روايةٌ عن أحمد ((المغني)) لابن قدامة (2/321). ، واختارَه الشوكانيُّ قال الشوكانيُّ: (وجوازُ التقديم والتأخير بلا أولوية هو الحقُّ) ((نيل الأوطار)) (4/8). ، وابنُ باز قال ابن باز- وقد سُئل: هل يُسنُّ تقديمُ الخُطبة على الصَّلاة أحيانًا في صلاة الاستسقاء؟- فقال: (جاءَ هذا وهذا، إنْ قدَّمها فلا بأس، وإنْ أخَّرها فلا بأس، الأمر في هذا واسعٌ) ((فتاوى نور على الدرب)) (13/405). وقال أيضًا: (وقد جاء في حديثِ عبد الله بن زيد أيضًا وحديثِ عائشةَ أنَّه خطَب قبل الصلاة، وصلَّى بعد ذلك، فكلٌّ منهما ثابت، وكلٌّ منهما موسَّع بحمد الله؛ مَن خطَب ثمَّ صلَّى فلا بأس، ومَن صلَّى ثمَّ خطَب فلا بأس، كل هذا جاء عنه عليه الصَّلاة والسَّلام) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/61). ، وابن عثيمين قال ابنُ عُثيمين: (قد ثبتَتِ السُّنة أنَّ الخُطبة تكون قبلَ الصلاة، كما جاءتِ السُّنَّة بأنَّها تكونُ بعد الصلاة، وعلى هذا فتكون خُطبة الاستسقاءِ قَبلَ الصلاة وبعدَها، ولكن إذا خطَب قبل الصَّلاة لا يخطب بعدها، فلا يَجمع بين الأمرين، فإمَّا أن يَخطُب قبل، وإمَّا أن يخطُب بعدُ) ((الشرح الممتع)) (5/216). ؛ وذلك لورود السُّنَّة بكِلا الأمرين، ودَلالتِها على كِلتَا الصِّفتينِ ((المغني)) لابن قدامة (2/321).

انظر أيضا: