الموسوعة الفقهية

المَطلَب الثَّاني: الاستيطانُ


مِن شروطِ صلاةِ العيدِ الاستيطانُ الاستيطان: اتِّخاذ المكان وطنًا، أي: مَحَلًّا ومَسْكَنًا يُقيمُ به، والمقام بوطنٍ بنيَّة التأبيدِ. ينظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (36/261)، ((المصباح المنير)) للفيومي (2/664)، ((شرح التلقين)) للمازري (1/947). ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/34، 35)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/275). ، والمالِكيَّة [6349] ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/98)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/643). ، والحَنابِلَة [6350] ((المغني)) لابن قدامة (2/291)، ((الفروع)) لابن مفلح (3/199)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/52). ، وبه قال الشافعيُّ في القديمِ ((البيان)) للعمراني (2/648)، ((الشرح الكبير)) للرافعي (5/9). ، وبه قال الأكثرون قال ابنُ تيميَّة: (تنازَع الناسُ في صلاة الجمعة والعيدين؛ هل تُشترط لهما الإقامةُ، أم تُفعل في السفر؟ على ثلاثة أقوال: أحدها: مِن شرطهما جميعًا الإقامة، فلا يُشرعان في السَّفر؛ هذا قول الأكثرين، وهو مذهبُ أبي حنيفة، ومالكٍ، وأحمد- في أظهر الروايتين عنه) ((مجموع الفتاوى)) (24/177).
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يصلِّ صلاةَ العيد في سفرِه ولا خُلفاؤه؛ وقد كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسافر أسفارًا كثيرة، قد اعتمَر ثلاثَ عُمَرٍ سوى عُمرةِ حجَّته، وحجَّ حجَّةَ الوداع ومعه ألوف مؤلَّفة، وغزا أكثرَ من عشرين غزاةً ولم يَنقُل عنه أحدٌ قطُّ أنه صلَّى في السَّفَر لا جُمعة ولا عيدًا، بل كان يُصلِّي ركعتين ركعتين في جميعِ أسفاره ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/179) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (5/130).
ثانيًا: أنَّه لم يكن أحدٌ يصلِّي صلاةَ العيد بالمدينة إلَّا معه، كما لم يكونوا يُصلُّونَ الجُمُعةَ إلَّا معه، وكان بالمدينةِ مساجدُ كثيرةٌ، لكلِّ دارٍ من دُور الأنصار مسجد، ولهم إمامٌ يُصلِّي بهم، والأئمَّة يُصلُّون بهم الصلوات الخمس، ولم يكونوا يُصلُّون بهم لا جُمُعة ولا عيدًا؛ فعُلم أنَّ العيد كان عندهم مِن جنسِ الجُمُعة، لا من جِنس التطوُّع المطلَق، ولا من جنس صلاةِ الجنازةِ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (24/179).
ثالثًا: أنَّ صلاةَ العيدِ ما ثبتَتْ بالتوارثِ من الصَّدر الأول إلَّا في الأمصارِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/275).

انظر أيضا: