الموسوعة الفقهية

المطلب الأول: انتقالُ الإمامِ للتطوُّعِ من مكانِ الفرضِ


يُستحَبُّ للإمامِ أن يَنتقلَ عن موضعِه إذا أراد أن يُصلِّي النافلةَ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنَفيَّة ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/35) ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) (1/160). ، والمالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/435)، وينظر: ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/29،30). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/491)، وينظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (1/269). ، والحَنابِلَة ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/86،87)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/284). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف وهو مرويٌّ عن عليٍّ، وابن عمرَ، وسعيد بن المسيَّب، والحسن، وابن أبي ليلى، وإبراهيم النخعي. ينظر ((مصنف ابن أبي شيبة)) (2/209).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عَمرِو بنِ عطاءٍ رحمه الله، أنَّ نافعَ بنَ جُبَيرٍ أرسله إلى السائبِ ابنِ أُخت نَمِر، يسألُه عن شيءٍ رآه منه معاويةُ في الصَّلاةِ، فقال: ((نعَمْ؛ صليتُ معه الجُمعةَ في المقصورةِ، فلمَّا سلَّم الإمامُ قمتُ في مقامي فصليتُ، فلمَّا دخَلَ أرسل إليَّ، فقال: لا تَعُدْ لِمَا فعلتَ؛ إذا صليتَ الجُمُعةَ فلا تَصِلْها بصلاةٍ حتى تَكلَّمَ أو تخرُجَ؛ فإنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَنا بذلك؛ أنْ لا تُوصَلَ صلاةٌ حتى نتكلَّمَ أو نَخرُجَ )) رواه مسلم (883).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ قوله: (أو تخرُج) أفاد أنَّه يَتنحَّى من مكانِه الذي صلَّى فيه ((فتح الباري)) لابن حجر (2/335).
ثانيًا: من الآثار
عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (من السُّنة أنْ لا يتطوَّعَ الإمامُ حتى يتحوَّلَ من مكانِه) رواه عبد الرزاق في ((المصنف)) (3917)، ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (2/209)، والدارقطني في ((السنن)) (1090)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (3049) حسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (2/390).
ثالثًا: لأنَّ في تحويلِه من مكانِه إعلامًا لِمَن أتى المسجدَ أنَّه صلَّى؛ فلا ينتظره ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/160)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (2/86،87).
رابعًا: لأنَّ فيه تكثيرَ محالِّ العبادةِ؛ حتى تشهدَ مواضعُ السجودِ له يومَ القيامةِ ((المجموع)) للنووي (3/491).

انظر أيضا: