الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: سُجودُ السَّهوِ للمُوَسوِسِ


المُوسوسُ لا يَسجُدُ بمُجرَّدِ الوَسوسةِ في الصَّلاةِ، إذا لم يَشُكَّ في عددِ صلاتِه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة [2923] قال الطحطاوي: (وإنما أخذ بغالب الظنِّ؛ للزوم الحرج بالإعادة كلَّ مرةٍ، لا سيَّما إن كان موسوسًا، فلا تجب عليه؛ دفعًا للحرج) ((حاشية الطحطاوي)) (ص: 308). ويُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/199). ، والمالكيَّة [2924] ((الكافي)) لابن عبد البر (1/233)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/293). ، والشافعيَّة [2925] قال البكري: (قوله: (ولا مؤاخذة) أي: لا ضرر في ذلك. وقوله: (بوسواس قهري) وهو الذي يطرُق الفِكرَ بلا اختيار. قال في الإيعاب: بأنْ وقَع في فِكره أنه لو تردَّد في الصلاة ما حُكمه؟ فلا مؤاخذةَ به قطعًا، وبه يُعلم الفرق بين الوسوسة والشك؛ فهو أن يعدَم اليقين، وهي أن يستمرَّ اليقين، ولكنَّه يُصوِّر في نفْسه تقدير التردُّد. ولو كان كيف يكون الأمرُ، فهو من الهاجس الآتي. وكذا في الإيمان باللهِ تعالى؛ لأنَّ ذلك مما يُبتلَى به الموسوسون، فالمؤاخذة به من الحرَج) ((إعانة الطالبين)) (1/247)، وينظر: (روضة الطالبين)) للنووي (1/224). والحنابلة [2926] ((الإنصاف)) للمرداوي (2/125)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/394). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك [2927] قال ابن رجب: (وفي ذِكر النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسوسة الشيطان للمصلِّي، وأمْره بالسجود إذا لم يَدرِ كم صلَّى، يدلُّ على أنه لا يَسجُد بمجرَّد وسوسة الصَّلاة، إذا لم يشكَّ في عدد صلاته، وعلى هذا جمهورُ العلماء، وحكاه بعضُهم إجماعًا) ((فتح الباري)) (6/515). ؛ وذلك لأنَّ الوَسواسَ يَخرُجُ به إلى نوعٍ من المكابَرَةِ فيُفضي إلى زِيادةٍ في الصَّلاةِ مع تيقُّنِ إتمامِها [2928] ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/394).

انظر أيضا: