الموسوعة الفقهية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: صِفةُ الرُّكوعِ


يُستحبُّ في الركوعِ أن يَعتمدَ بيَديهِ على رُكبتَيهِ قال ابنُ المنذرِ: (فقد ثبتَتِ الأخبارُ عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه وضَع يديه على رُكبتيه، ودلَّ خبر سعد بن أبي وقَّاص على نسْخ التَّطبيق والنَّهي عنه، ولا يقولنَّ قائلٌ: إنَّ المصلِّي بالخيار؛ إنْ شاء طبَّق يديه بين فخذيه، وإنْ شاءَ وضَع يديه على رُكبتيه؛ لأنَّ في خبر سعدٍ النهيَ عنه, وممَّن رُوِّينا عنه من أصحابِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه وضَع يديه على رُكبتيه، وأمَر بوَضْع اليدينِ على الركبتين: عُمرُ بن الخطَّاب، وعليُّ بن أبي طالبٍ، وسعدُ بنُ أبي وقَّاص، وعبدُ الله بن عُمرَ) (الأوسط)) (3/310). ، ويُفرِّجَ أصابِعَه، وأنْ يُجافيَ يَديهِ عن جَنبيهِ، ويَبسُطَ ظهرَه، وألَّا يرفعَ رأسَه ولا يُنكِّسَه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة ((مختصر القدوري)) (ص: 27)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/333)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/208)، ولم يذكر الحنفيَّة سُنَّةَ مجافاة المرفقين في الركوع. ، والمالكيَّة ((الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي)) (1/ 239)، وينظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 45)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (1/464). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (3/409)، ((روضة الطالبين)) للنووي (1/250). ، والحنابلة ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (1/393)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/346). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف قال ابنُ المنذر: (وممَّن رُوِّينا عنه من أصحابِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه وضَع يديه على رُكبتيه، وأمَر بوَضْع اليدينِ على الركبتين: عُمرُ بن الخطَّاب، وعليُّ بن أبي طالبٍ، وسعدُ بنُ أبي وقَّاص، وعبدُ الله بن عُمرَ) (الأوسط)) (3/310). وقال ابنُ قُدامة: ("ثم يَضَع يديه على رُكبتيه، ويُفرِّج أصابعَه، ويمدّ ظهرَه، ولا يرفع رأسَه، ولا يَخفِضه"، وجملته: أنه يستحبُّ للراكع أن يضعَ يديه على رُكبتيه، ثبَت ذلك عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفعَلَه عُمرُ، وعليٌّ، وسعد، وابنُ عُمر، وجماعة من التَّابعين، وبه يقول الثوريُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرأي) ((المغني)) (1/359).
الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قالت: ((كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا ركَعَ لم يرفعْ رأسَه ولم يُصوِّبْه، ولكن بين ذلِك )) رواه مسلم (498).
2- عن محمَّدِ بنِ عَمرِو بنِ عَطاءٍ، أنَّه كان جالسًا مع نفرٍ مِن أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَرْنا صلاةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال أبو حُمَيدٍ الساعديُّ: ((أنا كنتُ أحفَظَكم لصلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: رأيتُه إذا كبَّرَ جعل يَدَيه حِذاءَ مَنكِبَيه، وإذا ركع أمكَنَ يَدَيه مِن رُكبَتَيه، ثمَّ هصَرَ ظَهرَه، فإذا رفع رأسَه استوى حتى يعودَ كُلُّ فَقَارٍ مكانَه، فإذا سجَدَ وضع يَدَيه، غيرَ مُفتَرشٍ ولا قابِضِهما، واستقبل بأطرافِ أصابِعِ رِجلَيه القبلةَ، فإذا جلس في الرَّكعتينِ جلس على رِجْلِه اليُسرى، ونصَبَ اليُمنى، وإذا جلسَ في الركعةِ الآخرةِ قَدَّمَ رِجلَه اليسرى، ونصَبَ الأخرى وقعَدَ على مَقعدَتِه )) [2132] رواه البخاري (828).
3- عن مُصعَبِ بن سعدٍ بن أبي وقَّاص، قال: ((ركعتُ، فجعلتُ يدي بين رُكبَتي، فنهاني أَبي، وقال: إنَّا كنَّا نفعلُ هذا فنُهِينا عنه، وأُمِرْنا أن نَضعَ أَيديَنا على الرُّكَبِ )) رواه البخاري (790)، ومسلم (535).

انظر أيضا: