الموسوعة الفقهية

المَطلَب الأوَّل: حكمُ استقبالِ القِبلةِ في الصَّلاةِ


استقبالُ القِبلةِ شرطٌ في صحَّةِ الصَّلاةِ.
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكِتاب
قال الله تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: 144]
ثانيًا: من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه: ((أنَّ رجلًا دخَلَ المسجدَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ في ناحيةِ المسجدِ، فصلَّى ثم جاءَ فسَلَّم عليه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وعَليكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصلِّ، فرجع فصلَّى، ثم جاء فسَلَّم، فقال: وعَليكَ السَّلامُ، ارجِعْ فصلِّ؛ فإنَّك لم تُصلِّ، فقال في الثانية، أو في التي بعدَها: عَلِّمْني يا رسولَ الله، فقال: إذا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فأَسْبِغِ الوضوءَ، ثم استقبلِ القِبلةَ فكبَّر... )) [1336] رواه البخاري (6251)، ومسلم (397).
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، قال: لَمَّا دخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم البيتَ، دعا في نواحيه كلِّها، ولم يُصلِّ حتى خرَج منه، فلمَّا خرج ركَع ركعتينِ في قُبُل الكَعبةِ، وقال: ((هذه القِبلةُ )) رواه البخاري (398)، ومسلم (1331).
3- عنِ البَراءِ بن عازبٍ: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أوَّلَ ما قَدِمَ المدينةَ نزَلَ على أجدادِه - أو قال: أخوالِه - من الأنصارِ، وأنَّه صلَّى قِبلَ بيتِ المقدسِ سِتَّةَ عَشرَ شهرًا، أو سَبعةَ عَشرَ شهرًا، وكان يُعجِبُه أن تكونَ قِبلتُه قِبلَ البيتِ، وأنَّه صلَّى أوَّلَ صلاةٍ صلَّاها صلاةَ العصرِ، وصلَّى معه قومٌ، فخرَج رجلٌ ممَّن صلَّى معه، فمرَّ على أهلِ مَسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهدُ باللهِ لقدْ صَليتُ مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قِبلَ مَكَّةَ، فدَاروا كما هم قِبلَ البيتِ... )) [1338] رواه البخاري (40)، ومسلم (525).
ثالثًا: من الإجماع
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزمٍ [1339] قال ابنُ حزمٍ: (لا خلافَ بين أحد من الأمَّة في أنَّ امرأً لو كان بمكَّة بحيث يَقدِر على استقبال الكعبة في صلاته، فصرَف وجهه عامدًا عنها إلى أبعاض المسجد الحرام مِن خارجه أو من داخله، فإنَّ صلاته باطلةٌ، وأنه إنِ استجاز ذلك: كافرٌ) ((المحلى)) (2/257). ، وابنُ عبد البرِّ قال ابنُ عبد البَرِّ: (أجمع العلماء أنَّ القبلة التي أَمر الله نبيَّه وعبادَه بالتوجُّه نحوها في صلاتهم هي الكعبةُ البيت الحرام بمكَّة، وأنَّه فرضٌ على كلِّ مَن شاهدها وعاينها استقبالُها، وأنه إنْ ترك استقبالها وهو معاينٌ لها أو عالم بجهتها فلا صلاةَ له، وعليه إعادة كلِّ ما صلَّى كذلك) ((التمهيد)) (17/54). ، وابنُ رُشدٍ قال ابنُ رُشدٍ: (اتَّفق المسلمون على أنَّ التوجُّهَ نحو البيت شرطٌ من شروط صِحَّة الصلاة؛ لقوله تعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ **البقرة: 149، 150**) ((بداية المجتهد)) (1/111). ، والنوويُّ [1342] قال النوويُّ: (استقبالُ القبلةِ شَرْطٌ لصحَّةِ الصلاة إلَّا في الحالينِ المذكورينِ على تفصيلٍ يأتي فيهما في موضِعِهما، وهذا لا خلافَ بين العلماء فيه من حيثُ الجملةُ، وإنِ اختُلِفَ في تفصيلِه) ((المجموع)) (3/189).

انظر أيضا: