الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: المستحاضة المعتادة المميِّزة


المُستحاضة المُعتادةُ المميِّزة المميِّزة: هي مَن اتَّصلَ بها الدَّم، وبعضُه أسودُ ثخينٌ مُنتِن الرَّائحة، وبعضُه أحمرُ رقيقٌ غيرُ مُنتنٍ، فتميِّز مِن دَمِها ما كان أسودَ ثخينًا نتنًا، فيكون حيضًا، وما كان منه أحمَرَ رقيقًا، فهو استحاضةٌ. ينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/391)، و((البيان في مذهب الإمام الشافعي)) للعمراني (1/357). تعمَلُ بالعادةِ لا بالتَّمييزِ؛ وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/41)، ((فتح القدير)) للكمال بن الهمام (1/177). ، والحنابلة ((الفروع)) لابن مفلح (1/378)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/208). ، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (1/150)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (1/404). ، واستظهَرَه ابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (هو ظاهِرُ الحديثِ). ((مجموع الفتاوى)) (21/629). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الرَّاجح أنَّها ترجِعُ للعادة). ((الشرح الممتع)) (1/492)، وينظر: ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 40).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبيشٍ سألت النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت: إنِّي أُستحاضُ فلا أطهُرُ، أَفأدَعُ الصَّلاةَ؟ فقال: لا، إنَّ ذلكِ عِرقٌ، ولكن دَعي الصَّلاةَ قدْرَ الأيَّامِ التي كنت تَحيضينَ فيها، ثم اغتسلِي وصلِّي )) رواه البخاري (325) واللفظ له، ومسلم (333).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قالت: ((إنَّ أمَّ حبيبةَ بنتَ جحش- التي كانت تحتَ عبد الرَّحمن بن عوف- شكَتْ إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدَّمَ، فقال لها: امكُثي قدْرَ ما كانت تحبسُكِ حيضتُك، ثمَّ اغتَسلي )) رواه مسلم (334).
وجه الدَّلالة من الأحاديث:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ردَّها إلى عادتِها، ولم يستفصِلْ، مع احتمالِ وجودِ التَّمييز، فعُلِمَ أنَّ مَن كانت لها عادةٌ، فإنَّها تَرجِعُ إلى عادتِها مطلقًا، سواء ميَّزت الدَّم أو لم تميِّزه ((رسالة في الدماء الطبيعية للنساء)) (ص: 41).
ثانيًا: أنَّ العادةَ أقوى العلاماتِ؛ لأنَّ الأصلَ مقامُ الحيضِ دونَ غَيرِه ((مجموع الفتاوى)) (21/630).
ثالثًا: أنَّه أيسَرُ وأضبَطُ للمرأة؛ لأنَّ هذا الدَّمَ الأسودَ، أو المُنتِنَ، أو الغليظَ، ربَّما يضطرِبُ، ويتغيَّر أو ينتقِلُ إلى آخِرِ الشَّهرِ، أو أوَّله، أو يتقطَّعُ بحيث يكون يومًا أسودَ، ويومًا أحمَرَ ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/492).

انظر أيضا: