الموسوعة الفقهية

المطلب الخامس: هل يَبطُل التيمُّم بخروج وقت الصَّلاة؟


لا يَبطُل التيمُّمُ بخروج وقت الصَّلاة، وهو مذهَبُ الحنفيَّة ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/42). ، والظاهريَّة قال ابن حزم: (المتيمِّم يُصلِّي بتيمُّمِه ما شاء من الصَّلوات الفرْض والنَّوافل، ما لم ينتقِض تيمُّمه بحدَثٍ، أو بوجودِ الماء، وأمَّا المريضُ فلا يَنقُض طهارتَه بالتيمُّم إلَّا ما ينقُض الطَّهارةَ من الأحداثِ فقط، وبهذا يقول أبو حنيفة، وسفيان الثوريُّ، والليث بن سعد، وداود). ((المحلى)) (1/355)، وينظر: ((جامع المسائل)) لابن تيميَّة (2/208). ، واختاره ابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (التيمُّمُ يقوم مقامَ الماءِ مُطلقًا؛ يَستبيح به كما يُستباحُ بالماء، ويتيمَّم قبل الوقت كما يتوضَّأ قبل الوقت، ويبقى بعد الوقت كما تبقى طهارةُ الماء بعدَه، وإذا تيمَّم لنافلةٍ صلَّى به الفريضةَ كما أنَّه إذا توضَّأ لنافلةٍ صلَّى به الفريضةَ، وهذا قولُ كثيرٍ من أهل العلم، وهو مذهبُ أبي حنيفة، وأحمد في الرِّواية الثانية، وقال أحمد: هذا هو القياسُ. وهذا القول هو الصَّحيح، وعليه يدلُّ الكتابُ والسُّنة والاعتبارُ...) ((مجموع الفتاوى)) (21/436)، ويُنظر: ((جامع المسائل)) لابن تيميَّة (2/208)، ((الإنصاف)) للمرداوي (1/214). ، والشوكانيُّ ((السيل الجرار)) (ص: 85). ، وابنُ باز قال ابن باز: (فالحاصل: أنَّ التيمُّمَ يقوم مقامَ الماء، وهو طَهورٌ، تُصلَّى به الصَّلواتُ الكثيرةُ، حتى يَهتديَ المرءُ إلى الماءِ، أو يجِد الماءَ إن كان مفقودًا، أو يستطيع استعمالَه إن كان عاجزًا قبل ذلك). ((فتاوى نور على الدرب)) (5/327). قال ابن باز: (يجوز للمُسلم إذا تيمَّم التيمُّمَ الشرعيَّ أن يصلِّيَ بذلك ما شاء من فرْضٍ أو نفلٍ، ما دام عادمًا للماء، أو عاجزًا عن استعماله، ما لم يُحدِث أو يجِدِ الماء، في أصحِّ أقوالِ العلماء). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/203). ، وابنُ عُثيمين قال ابن عثيمين: (الصَّحيحُ: أنَّه لا يَبطُلُ بخروجِ الوَقتِ، وأنَّك لو تيمَّمتَ لصلاةِ الفَجرِ، وبَقيتَ على طهارَتك إلى صلاةِ العِشاء فتيمُّمُك صحيحٌ). ((الشرح الممتع)) (1/4021).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
1- قول الله تعالى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَـكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
 أنَّه نصَّ على أنَّ التيمُّمَ طهارةٌ من الله تعالى، وإذا كان التيمُّمُ طَهورًا فلا يُنقَضُ بخروجِ الوقتِ ((المحلى)) لابن حزم (1/356)، ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/42)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/4021).
2- قول الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [المائدة: 6]
وجه الدَّلالة:
أنَّ اللهَ تعالى لم يأمر قطُّ بالتيمُّمِ في الآية إلَّا مَن كان مُحدِثًا فقط، لا كلَّ قائِمٍ إلى الصَّلاةِ أصلًا ((المحلى)) لابن حزم (1/359).
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن جابرِ بن عبد الله رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((جُعِلَت لي الأرضُ مَسجدًا وطَهورًا )) رواه البخاري (335) واللفظ له، ومسلم (521).
وجه الدَّلالة:
 أنَّ الطَّهورَ هو المطهِّرُ لغيره، وهو المُثبِت للطَّهارةِ، فوجب القولُ بارتفاعِ الحدَث إلى وجودِ الماء ((تبيين الحقائق للزيلعي وحاشية الشلبي)) (1/42)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/4021).

انظر أيضا: