الموسوعة الفقهية

المبحث الثَّالث: انتهاء مُدَّة المسح


انتهاءُ مدَّةِ المَسحِ لا ينقُضُ الطَّهارة، ويُصلِّي ما لم يُحدِثْ؛ وهو مذهَبُ الظَّاهريَّة قال ابن حزم: ( فإذا انقضى هذان الأَمدان- يعني أحدهما- لمن وُقِّت له، صلَّى بذلك المسح ما لم تنتقض طهارته). وقال أيضًا: (أمَّا قولنا: إنَّه إذا انقضى أحدُ الأمدين المذكورين، صلَّى الماسح بذلك المسح ما لم ينتقض وضوءه، ولا يجوز له أن يمسح إلَّا حتى ينزعهما ويتوضَّأ، فلأنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمره أن يمسح إنْ كان مسافرًا ثلاثًا فقط، وإن كان مقيمًا يومًا وليلةً فقط، وأمَر عليه السلام بالصَّلاة بذلك المسح، ولم ينهه عن الصَّلاة به بعد أمَدِه المؤقَّت له، وإنَّما نهاه عن المسح فقط، وهذا نصُّ الخبر في ذلك). ((المحلى بالآثار)) (1/323). ، واختاره ابن المُنذِر قال ابن المُنذِر: (وقد احتجَّ بعض مَن لا يرى عليه إعادة وضوء، ولا غَسل قدَم، بأنَّه والخفُّ عليه طاهر كامل الطَّهارة بالسُّنَّة الثابتة، ولا يجوز نقض ذلك إذا خلع خفَّه إلَّا بحُجَّة من سُنَّة أو إجماع، وليس مع من أوجب عليه أن يعيد الوضوء أن يغسل الرِّجلين حُجَّة). ((الأوسط)) (2/111-112)، وينظر: ((المجموع)) (1/527). ، والنوويُّ قال النوويُّ: (لا شيء عليه، لا غَسل القدمين ولا غيره، بل طهارته صحيحة؛ يصلِّي بها ما لم يُحدِث، كما لو لم يخلع: وهذا المذهب حكاه ابن المُنذِر عن الحسن البصريِّ، وقتادة، وسليمان بن حرب، واختاره ابن المُنذِر، وهو المختار الأقوى). ((المجموع)) (1/527) ، وابن تيميَّة قال ابن تيميَّة: (ولا ينتقض وضوء الماسح على الخفِّ والعمامة بنزْعهما، ولا بانقضاء المدَّة). ((الاختيارات الفقهية)) (ص: 15). ، وابن عثيمين قال ابن عثيمين: (لا ينتقض الوضوء بانتهاء المدَّة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/179). وقال أيضًا: (إذا انتهت مُدَّة المسح وبقِي الإنسان على طهارته، وصلَّى بعد انتهاء المدَّة، فصلاتُه صحيحة؛ لأنَّ انتهاء مدَّة المسح لا ينقض الوضوء، وإنْ كان بعض العلماء يقولون: إنَّ انتهاء مدَّة المسح ينقض الوضوء، لكنَّه قولٌ لا دليل عليه، وعلى هذا فإذا تمَّت مدَّة المسح وبقي الإنسان على طهارته بعد انتهاء المدَّة، ولو يومًا كاملًا، فله أن يصلِّي ولو بعد انتهاء المدَّة؛ لأنَّ وضوءَه قد ثبت بدليل شرعيٍّ، فلا يرتفع إلَّا بدليل شرعيٍّ، ولا دليل عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدلُّ على أنَّ انتهاء مدَّة المسح موجِب للوضوء). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (11/180). وقال أيضًا: (النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقَّت مدَّة المسح؛ ليعرف بذلك انتهاء مدَّة المسح، لا انتهاء الطَّهارة، فالصحيح أنَّه إذا تمَّت المدَّة، والإنسان على طهارة، فلا تبطل؛ لأنَّها ثبتت بمقتضى دليل شرعيٍّ، وما ثبت بمقتضى دليل شرعيٍّ، فلا ينتقض إلَّا بدليل شرعيٍّ آخَر، ولا دليل على ذلك في هذه المسألة، والأصل بقاء الطَّهارة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى). ((الشرح الممتع)) (1/265).
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذه الطَّهارة ثبتت بمقتضى دليلٍ شرعيٍّ، وما ثبت بمقتضى دليلٍ شرعيٍّ، فإنَّه لا ينتقِضُ إلَّا بدليلٍ شرعيٍّ ((المحلى)) لابن حزم (1/340). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (1/264).
ثانيًا: أنَّ الطهارةَ لا ينقُضُها إلَّا الأحداثُ، أو نصٌّ وارِدٌ بانتقاضِها، وانتهاءُ مدَّةِ المسحِ ليس حدثًا، فصحَّ أنَّه على طهارَتِه، وأنَّه يصلِّي ما لم يُحدِث ((المحلى)) لابن حزم (1/341).

انظر أيضا: