الموسوعة الفقهية

الفرع الثاني: القَزَعُ


يُكرَهُ [551] ما لم يكُنْ فيه تشَبُّهٌ بالكُفَّارِ أو الفَسَقةِ فيَحرُمُ، وللأسفِ هذا منتَشِرٌ بين الشَّبابِ المفتونينَ بتَقليدِ لاعِبِي الكُرةِ وأصحابِ الغِناءِ الماجِنِ. فائدة: قال ابنُ القيم عن حلق الرأسِ: (وأمَّا حَلْقُ بعضِه وتركُ بعضِه فهو مراتِبُ: أشدُّها أنْ يحلقَ وسطَه ويتركَ جوانِبَه، كما تفعلُ شَمامِسَةُ النَّصارى، ويَلِيه أنْ يحلقَ جوانِبَه ويدعَ وسطَه كما يفعلُ كثيرٌ مِنَ السَّفلةِ وأسقاطِ النَّاسِ، ويَلِيه أنْ يحلِقَ مُقَدَّمَ رأسِه ويتركَ مُؤَخَّرَه. وهذه الصُّوَرُ الثَّلاثُ داخِلَةٌ في القزعِ الَّذي نهَى عنه رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وبعضُها أقبحُ مِن بعضٍ). ((أحكام أهل الذمة)) (3/1294). والمرْتَبةُ الثَّانية هي المنْتَشِرة الآن بين بعض الشَّباب هداهُم الله. القَزَعُ [552] القَزَعُ هو: حَلقُ بعضِ الرَّأسِ وتَركُ بَعضِه الآخَرِ. يُنظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (1/185)، ((المجموع)) للنووي (1/295). ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعة: الحَنَفيَّة [553] ((الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين)) (6/407)، ((الفتاوى الهندية)) (5/357). ، والمالِكيَّة [554] ((الذخيرة)) للقرافي (13/278)، ((القوانين الفقهية)) لابن جُزَيٍّ (ص: 293)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/306). ، والشَّافعيَّة [555] ((المجموع)) للنووي (1/295)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/234)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (1/333). ، والحَنابِلة [556] ((الإقناع)) للحجاوي (1/21)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهُوتي (1/41). ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك [557] قال النووي: (أجمع العُلَماءُ على كراهةِ القَزَعِ إذا كان في مواضِعَ متفَرِّقةٍ، إلَّا أن يكونَ لمداواةٍ ونَحوِها، وهي كراهةُ تَنزيهٍ). ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/101). وقال الطيبي: (وأجمعوا على كراهةِ القَزَعِ إذا كان في مواضِعَ مُتفَرِّقةٍ، إلَّا أن يكونَ لمداواةٍ، وهي كراهةُ تنزيهٍ). ((شرح المشكاة)) (9/2925). وقال المرداوي: (قولُه: «ويُكرَهُ القَزَعُ» بلا نزاعٍ). ((الإنصاف)) (1/100).
الأدِلَّةُ مِن السُّنَّةِ:
1- عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضِي الله عنهما: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى عن القَزَعِ)) قال: قلتُ لنافعٍ: وما القَزَعُ؟ قال: يُحلَقُ بَعضُ رأسِ الصَّبيِّ [558] قال ابنُ حجرٍ: (قال النوويُّ: الأصحُّ أنَّ القزعَ ما فسَّره به نافعٌ، وهو حلقُ بعضِ رأسِ الصبيِّ مطلقًا، ومنهم مَن قال: هو حلقُ مواضعَ متفرقةٍ منه، والصحيحُ الأولُ؛ لأنَّه تفسيرُ الراوي، وهو غيرُ مخالفٍ للظاهرِ، فوجَب العملُ به. قلتُ إلَّا أنَّ تخصيصَه بالصبيِّ ليس قيدًا...ولا فرقَ بينَ الرجلِ والمرأةِ). ((فتح الباري)) (10/365). ، ويُترَكُ بَعضٌ [559] رواه البُخاريُّ (5920)، ومُسْلِم (2120) واللَّفظُ له.
2- عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رأى صَبيًّا قد حُلِقَ بَعضُ شَعرِه وتُرِكَ بَعضُه، فنهى عن ذلك، وقال: احْلِقُوه كُلَّه، أو اترُكوه كُلَّه )) [560] أخرجه أبو داود (4195) واللَّفظُ له، والنَّسائي (5048)، وأحمد (5615)، وابنُ حِبَّان في ((صحيحه)) (5508). صَحَّح إسنادَه على شرط الشيخين النووي في ((رياض الصالحين)) (528)، وصَحَّح إسنادَه ابن تَيميَّةَ في ((شرح العمدة- الطهارة)) (1/231)، ومحمد ابن عبدالهادي في ((المحرر)) (44) وقال: ورواته كلُّهم أئمَّةٌ ثِقاتٌ، وابنُ كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/32)، وذكر ابن حَجَر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4/232) أنَّ إسناده أخرجه مُسْلِم، وصَحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4195).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ نهى عن القَزَعِ، والنَّهيُ مَحمولٌ على الكراهةِ إجماعًا [561] يُنظر: ((شرح النووي على مُسْلِم)) (14/101)، ((شرح المشكاة)) للطِّيبي (9/2925).

انظر أيضا: