الموسوعة الفقهية

المبحث الثاني: الجزاءُ في الصَّيدِ


المطلب الأوَّل: تعريفُ المِثْلِيِّ
المِثْليُّ: ما كان له مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، أي: مُشابِهٌ في الخِلْقةِ والصورةِ؛ للإبِلِ أو البَقَرِ أو الغَنَمِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ قال ابن تيميَّة: (ومَذهَب أهلِ المدينةِ ومَن وافقَهم- كالشافعي وأحمد- في جزاءِ الصَّيد: أنَّه يضمَنُ بالمِثْل في الصورة، كما مضت بذلك السُّنَّة وأقضِيَة الصحابةِ) ((مجموع الفتاوى)) (20/352). : المالكيَّة ((التاج والإكليل)) للمواق (3/179)، ويُنظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/331). ، والشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/157)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/463)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/350).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالى: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الذي يُتصوَّرُ أن يكون هديًا، هو ما كان مِثْلَ المقتولِ مِنَ النَّعَمِ، فأمَّا القيمةُ فلا يُتصَوَّرُ أن تكون هَدْيًا، ولا جَرى لها ذكرٌ في نفْسِ الآيةِ ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/443).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعلَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الضَّبُعِ يُصيبُه المُحْرِمُ كَبْشًا )) رواه أبو داود (3801)، وابن ماجه (3085)، والدارمي (1941). صحَّحه البخاريُّ، كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (3/920) وابن دقيق في ((الاقتراح)) (125)، وقال ابن كثير ((إرشاد الفقيه)) (1/326): إسنادُه على شرط مسلم، وله متابِعٌ من حديث ابن عباس مرفوعًا، وإسنادُه لا بأس به، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2522)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (221).
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا حَكَمَ في الضَّبُعِ بكبشٍ, عَلِمْنا من ذلك أنَّ المماثَلةَ إنَّما هي في القَدِّ وهيئةِ الجِسْمِ؛ لأنَّ الكَبشَ أشْبَهُ النَّعَمِ بالضَّبُع ((المحلى)) لابن حزم (7/227).
المطلب الثاني: ما قَضى به الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ المِثْليِّ
ما قضى به الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم مِنَ المِثْليِّ؛ فإنَّه يجِبُ الأخذُ به قال ابن قُدامة: (وأجمع الصحابةُ على إيجابِ المِثْل) ((المغني)) (3/441). ، وما لا نَقْلَ فيه عنهم؛ فإنَّه يَحكُمُ بمِثْلِه عَدْلانِ مِن أهلِ الخِبرةِ، وهذا مَذهَبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/439)، ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/380)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351). ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ منهم: عطاء، وإسحاق، وداود. ((المجموع)) للنووي (7/439)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351). ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين قال ابن عُثيمين: (والنوعُ الذي له مِثْلٌ نوعان أيضًا: نوعٌ قضت الصحابة به، فيُرجَعُ إلى ما قَضَوا به، وليس لنا أن نعدِلَ عما قَضَوْا به، ونوعٌ لم تقْضِ به الصحابةُ، فيَحْكُم فيه ذوا عدلٍ مِن أهلِ الخبرةِ، ويحكمانِ بما يكون مماثِلًا) ((الشرح الممتع)) (7/211).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة: 95]
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ ما تقدَّمَ فيه حُكمٌ مِن عَدلَينِ من الصَّحابةِ، أو ممَّنْ بعدهم، فإنَّه يُتَّبَعُ حُكْمُهم، ولا حاجةَ إلى نظَرِ عَدْلينِ وحُكْمِهما; لأنَّ الله تعالى قال: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ، وقد حكَمَا بأنَّ هذا مِثْلٌ لهذا؛ وعَدالَتُهم أوكَدُ مِن عدالَتِنا؛ فوجَبَ الأخذُ بحُكْمِهم ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/446).
ثانيًا: مِنَ السُّنَّة
عن العِرْباضِ بنِ سارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((عليكم بسُنَّتِي، وسُنَّةِ الخُلفاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ )) رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وأحمد (17184) قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن عَبدِ البَرِّ في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/1164)، والجورقاني في ((الأباطيل والمناكير)) (1/472): وابنُ تيميَّة في ((مجموع الفتاوى)) (20/309)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (9/582).
ثالثًا: أنَّ الصَّحابة رَضِيَ اللهُ عنهم إذا حَكَمُوا بشيءٍ، أو حَكَمَ بعضُهم به، وسكت باقوهم عليه؛ صار إجماعًا، وما انعقَدَ الإجماعُ عليه فلا يجوزُ الاجتهادُ فيه؛ ولأنَّ العُدولَ عما قَضَوْا به يؤدِّي إلى تخطِئَتِهم ((الذخيرة)) للقرافي (3/331)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291).
رابعًا: أنَّ الصَّحابةَ رَضِيَ اللهُ عنهم شاهَدوا الوحيَ، وحَضَروا التَّنزيلَ والتَّأويلَ، وهم أقرَبُ إلى الصَّوابِ، وأبصَرُ بالعِلْمِ، وأعرَفُ بمواقِعِ الخِطابِ؛ فكان حُكْمُهم حُجَّةً على غيرِهم؛ كالعالِمِ مع العامِّيِّ ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/291 )، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351)،
المطلب الثالث: ما يجِبُ في صيدِ الدَّوابِّ والطُّيورِ مِنَ الجَزاءِ
الفرع الأوَّل: ما يجِبُ في صيدِ الدَّوابِّ
في النَّعامة بَدَنةٌ، وفي بَقَرِ الوَحْشِ وحمارِ الوَحْشِ بقرةٌ إنسيَّةٌ، وفي الضَّبُعِ كَبشٌ الكَبْشُ: فَحْلُ الضَّأنِ. ((لسان العرب)) لابن منظور (6/ 338). ، وفي الغَزالِ عَنْزٌ العَنْزُ: الماعزة، وهى الأنثى من المعْزِ. ((الصحاح)) للجوهري (3/ 887). ، وفي الأرنبِ عَناقٌ العَناق: الأنثى من ولَدِ المعز قبلَ استكمالِها الحَوْل. ((المصباح المنير)) للفيومي (2/432). ، وفي اليَرْبوعِ اليربوع: حيوانٌ يُشبِه الفأرة، لكنَّه أطوَلُ منها رِجلًا، وله ذَنَبٌ طويل، وفي طَرَفِه شعرٌ كثيرٌ. ((النهاية)) لابن الأثير (5/295)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (7/213). جَفْرةٌ الجَفْرةُ: هي الأنثى من وَلَد المَعْزِ إذا كان ابنَ أربعةِ أشهُرْ وفُصِلَ عن أمِّه. ((فتح الباري)) (9/270)، وينظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، وفي الضَّبِّ جَدْيٌ الجَدْيُ: الذَّكَرُ من أولادِ المعْز. ((المصباح المنير)) للفيومي (1/ 93)، ((لسان العرب)) لابن منظور (14/ 135). ، وما لا مِثْلَ له، فإنَّه يحكُمُ بمِثْلِه حَكَمانِ عَدْلانِ، وهذا مَذهَب الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (7/431)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/385)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/351).
الأدلَّة قال ابن تيميَّة: (وأمَّا إجماعُ الصَّحابةِ؛ فإنه رُوِيَ عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وابن الزبير؛ أنَّهم قَضَوْا في النعامة ببدنةٍ، وفي حمارِ الوحش وبقرةِ الأَيْلِ والتيتل والوَعْل ببقرة، وفي الضبُع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي اليربوع بجفرة، وإنما حكموا بذلك للمماثلةِ في الخلقة، لا على جهةِ القيمةِ؛ لوجوهٍ: أحدها: أنَّ ذلك مُبَيَّنٌ في قَصَصِهم... الثاني: أنَّ كل واحدٍ من هذه القضايا تعدَّدَتْ في أمكنةٍ وأزمنةٍ مختلفة، فلو كان المحكومُ به قيمَتَه؛ لاختلفت باختلافِ الأوقات والبِقاعِ، فلمَّا قَضَوْا به على وجهٍ واحدٍ عُلِمَ أنَّهم لم يعتبروا القيمةَ) ((شرح العمدة - كتاب الحج)) (2/283). قال ابن عُثيمين: (فهذا كله قضى به الصحابة، منه ما روي عن واحدٍ من الصحابة، ومنه ما روي عن أكثر من واحد، فإذا وجدنا شيئًا من الصيود لم تحكم به الصحابة، أقمنا حكمين عدلين خبيرين، وقلنا: ما الذي يشبه هذا من بهيمة الأنعام؟ فإذا قالوا: كذا وكذا، حكمنا به، وإذا لم نجد شيئًا محكومًا به من قبل الصحابة، ولا وجدنا شبهًا له من النعم، فيكون من الذي لا مثل له، وفيه قيمة الصيد قلَّت أم كثُرت) ((الشرح الممتع)) (7/214). :
أدلَّة أنَّ في النَّعامةِ بَدَنةً
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ، وعليَّ بنَ أبي طالبٍ، وعُثمانَ بنَ عفَّانَ، وزيدَ بنَ ثابتٍ، قالوا في النَّعامةِ قَتَلَها المُحْرِمُ: بَدَنةٌ من الإبِلِ) رواه عبد الرزاق في ((المصنف)) (4/398)
ثانيًا: أنَّه لا شيءَ أشبَهُ بالنَّعامةِ مِنَ النَّاقةِ؛ في طُولِ العُنُقِ, والهيئةِ، والصُّورةِ ((المحلى)) لابن حزم (7/227).
أدلَّةُ أنَّ في بَقَرةِ الوَحشِ وحِمارِ الوَحْشِ بقرةً:
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (وفي البَقَرةِ بَقَرةٌ، وفي الحِمارِ بَقَرةٌ) رواه الدارقطني (2/247)، والبيهقي (10151). وانظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/228)، ((الحاوي الكبير)) للمرداوي (4/292)، ((المجموع)) للنووي (7/425)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/442).
ثانيًا: أنَّ حِمارَ الوَحشِ وبَقَرةَ الوَحْشِ أشبَهُ بالبقرة؛ لأنَّهما ذوا شعْرٍ وذَنَبٍ سابغٍ؛ وليس لهما سَنامٌ؛ فوجب الحكمُ بالبَقَرةِ لقوةِ المُماثَلةِ، أمَّا الناقةُ فليست كذلك؛ فهي ذاتُ وَبَرٍ وذَنَبٍ قصيرٍ وسَنامٍ ((المحلى)) لابن حزم (7/228).
أدلَّة أنَّ في الضَّبُعِ كَبشًا:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((جعَل رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الضَّبُعِ يُصيبُه المُحْرِمُ كَبشًا )) رواه أبو داود (3801)، وابن ماجه (3085)، والدارمي (1941) وصحَّحه البخاريُّ، كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (3/920) واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (1/132)،، وصححه ابن دقيق في ((الاقتراح)) (125)، وقال ابن كثير ((إرشاد الفقيه)) (1/326): إسنادُه على شرط مسلم، وله متابِعٌ من حديث ابن عباس مرفوعًا، وإسنادُه لا بأس به، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2522)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (221).
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/495)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245)
2- عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه قال: (في الضَّبُعِ كَبشٌ) رواه الشافعي (7/180)، وابن أبي شيبة (3/675). وانظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/227).
3- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: (في الضَّبُعِ كَبشٌ) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/495)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (8225)، والبيهقي (10167) قال النووي في ((المجموع)) (7/426): إسناده صحيح أو حسن، وحسن إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/244) إذا كان ابن جريج سمعه من عطاء ولم يدلسه.
4- وبه قضى: ابنُ عمر, وجابر, وقد بلغ ابنَ الزُّبيرِ قولُ عُمَرَ فلم يخالِفْه، رَضِيَ اللهُ عنهم جميعًا ((المحلى)) لابن حزم (7/227)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/442).
أدلَّة أنَّ في الظَّبْيِ عَنْزًا:
1- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ، وفى الغزالِ بعَنْزٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (4/76)، والبيهقي (5/183) (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245).
2- عن محمَّدِ بنِ سيرينَ: (أنَّ رجلًا جاء إلى عُمَرَ بنِ الخطَّابِ، فقال: إنِّي أَجْرَيتُ أنا وصاحبٌ لي فَرَسينِ نَسْتَبِقُ إلى ثُغْرةِ ثَنِيَّةٍ، فأصَبْنا ظبْيًا ونحن مُحْرمانِ، فماذا ترى؟ فقال عُمَرُ لرجلٍ إلى جَنْبِه: تعالَ حتى أحكُمَ أنا وأنت، قال: فحَكَما عليه بعَنْزٍ، فولَّى الرجلُ وهو يقول: هذا أميرُ المؤمنينَ لا يستطيعُ أن يحكُمَ في ظَبيٍ حتى دعا رجُلًا يحكُمُ معه، فسَمِعَ عُمَرُ قولَ الرَّجُلِ فدعاه، فسأله: هل تقرَأُ سُورةَ المائدةِ؟ قال: لا، قال: فهل تعرِفُ هذا الرَّجُلَ الذي حكَمَ معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبَرْتَني أنَّك تقرَأُ سورةَ المائدةِ؛ لأوجَعْتُك ضَرْبًا، ثمَّ قال: إنَّ اللهَ تبارك وتعالى يقولُ في كتابه يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95] وهذا عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ)، وفي روايةٍ عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه حكَمَ هو وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ في ظبيٍ بعَنْزٍ) رواه مالك في ((الموطأ)) (3/608)، والشافعي في ((الأم)) (7/254)، والبيهقي (5/180) (10142). قال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/323): منقطع إلا أنه يستأنس به في هذا، ومثله يشتهر عن أمير المؤمنين عمر..
3- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكَبْشٍ، وفي الغزالِ بعَنْزٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245).
أدلَّة أنَّ في الأرنَبِ عَناقًا:
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكَبشٍ، وفي الغزالِ بعَنزٍ، وفي الأرنبِ بعَناقٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245).
2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّه قضى في الأرنَبِ بعَناقٍ، وقال: هي تمشي على أربعٍ، والعَناقُ كذلك، وهي تأكُلُ الشَّجَرَ، والعَناقُ كذلك، وهي تجتَرُّ، والعناقُ كذلك) رواه البيهقي (10170)
3- وجاء أيضًا: عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العاصِ, وعمرو بن حبشي، وعطاء ((المحلى)) لابن حزم (7/228)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/443).
أدلَّةُ أنَّ في اليَربوعِ جَفرةً:
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّ عُمَرَ قضى في الضَّبُعِ بكبشٍ، وفي الغزالِ بعَنْزٍ، وفي الأرنبِ بعَناقٍ، وفي اليَرْبوعِ بجَفْرةٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (2/211)، وابن أبي شيبة (15861)، والبيهقي (10163). صحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/426)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/395) على شرط مسلم، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/85)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (4/245).
2- عن ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه قضى في اليَرْبوع بجَفْرٍ أو جَفْرةٍ) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/532)، والبيهقي (10173). وصححه ابن حزم في ((الحيرة والالتباس)) (2/750)، وقال البيهقي: مرسل
3- وجاء ذلك أيضًا: عن ابنِ عمر، وابن عباس رَضِيَ اللهُ عنهم، وبه قال عطاء ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/443).
دليلُ أنَّ في الضَّبِّ جَدْيًا:
عن طارقٍ قال: (خَرَجْنا حُجَّاجًا، فأوطَأَ رجلٌ يُقال له أَربدُ، ضبًّا ففزَرَ ظَهْرَه، فقَدِمْنا على عُمَرَ، فسأله أربدُ، فقال عُمرُ: احكم يا أربَدُ، فقال: أنتَ خيرٌ مني يا أميرَ المؤمنين وأعلَمُ، فقال عمر: إنَّما أمَرْتُك أن تحكُمَ فيه، ولم آمُرْكَ أن تزكِّيَني، فقال أربدُ: أرى فيه جَدْيًا قد جمع الماءَ والشَّجَر، فقال عُمَرُ بذلك فيه) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/500)، والبيهقي (10149). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/425)، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/401). وينظر: ((الحاوي الكبير)) (4/292)، ((المغني)) لابن قُدامة (3/443).
الفرع الثاني: ما يجِبُ في صَيدِ الطُّيورِ
في أنواعِ الحَمامِ الحمام: ما عبَّ وهَدَر، وعَبَّ: أي شَرِبَ نَفَسًا نَفَسًا، والهديرُ صوتُ الحمامِ كلِّه. ((تهذيب اللغة)) للأزهري (4/12). شاةٌ، عند أكثَرِ أهلِ العِلمِ قال ابن المنذر: (أجمعوا أنَّ في حمام الحَرَم شاةً، وانفرد النعمان، فقال: فيه قيمَتُه) ((الإجماع)) (ص: 54). ، وما عداه فإنَّه تجِبُ فيه القيمةُ، سواء كان أصغَرَ منه أو أكبَرَ، وهو مَذهَب الشَّافعيَّة ((روضة الطالبين)) للنووي (3/158)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/526). ، والحَنابِلَة ((الإقناع)) للحجاوي (1/373)، ويُنظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قُدامة (3/352، 354). ، وقولُ طائفةٍ مِنَ السَّلَفِ منهم عثمان وابن عمر ونافع بن عبد الحارث وعطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير وقتادة. ينظر: ((المحلى)) لابن حزم (7/229)، ((المجموع)) للنووي (7/424، 440).
أدلَّة أنَّ في أنواعِ الحَمَام شاةٌ:
الأدلَّة مِنَ الآثارِ:
1- عن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه: (أنَّه حكم في الحمامةِ شاة) رواه الشافعي في ((الأم)) (3/505) حسن إسناده ابن حجر في ((التلخيص)) (2/285)
2- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (في حمامةِ الحَرَمِ شاةٌ) رواه الدارقطني (2/247)، البيهقي (10151) وصححه ابن حزم في ((الإعراب عن الحيرة والالتباس)) (2/750)، وصحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/247)
أدلَّة أنَّ ما كان أكبَرَ أو أصغَرَ من الحمامِ فإنَّ فيه قيمَتَه:
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
 1- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (في كلِّ طيرٍ دون الحمامِ قِيمَتُه) رواه البيهقي (5/206)، وانظر: ((المجموع)) للنووي (7/441).
2- وعنه قال: (ما كان سِوى حَمامِ الحَرَمِ، ففيه ثَمَنُه إذا أصابَه المُحرِمُ) أخرجه البيهقي (10305) صحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/247).
ثانيا: أنَّ ما كان أصغَرَ مِن الحمامِ أو أكبَرَ فيضمَنُ بالقيمةِ؛ لأنَّه لا مِثْلَ له مِنَ النَّعَمِ ((المجموع)) للنووي (7/424).

انظر أيضا: