الموسوعة الفقهية

المطلب الرَّابع: عددُ مرَّات المسح


يُمسحُ الرَّأسُ مرَّةً واحدةً، ولا يُشرَعُ فيه التَّكرارُ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/33)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/26). ، والمالكيَّة ((الذخيرة)) للقرافي (1/262)، ((حاشية الدسوقي)) (1/98). والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/163)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/101).
الأدلَّة:
أولًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن يحيى المازنيِّ: ((أنَّ رجلًا قال لعبد الله بن زيد- وهو جَدُّ عمرو بن يحيى-: أتستطيعُ أن تُريَني كيف كان رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتوضَّأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعَمْ. فدعا بماءٍ، فأفْرَغ على يدَيه، فغسَل يدَه مرَّتين، ثمَّ مضمضَ واستنثر ثلاثًا، ثمَّ غسَل وجهَه ثلاثًا، ثمَّ غسَل يديه مرَّتين مرَّتين إلى المِرفَقين، ثمَّ مسَح رأسَه بيدَيه، فأَقْبل بهما وأدْبَر، بدأ بمُقدَّمِ رأسِه، حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردَّهما إلى المكانِ الذي بدَأ منه، ثم غسَلَ رِجليه )) رواه البخاري (185)، واللفظ له، ومسلم (235).
وفي رواية: ((فمسَحَ رأسَه، فأقبلَ بهما وأدْبَر مرَّةً واحدةً )) رواه البخاري (186)، واللفظ له، ومسلم (235).
2- عن حُمران مولى عُثمان أخبَرَه ((أنَّه رأى عثمانَ بنَ عفَّان دعا بإناءٍ، فأفْرَغ على كفَّيه ثلاثَ مرارٍ، فغسلهما، ثمَّ أدخلَ يمينَه في الإناءِ، فمضمضَ واستنشقَ، ثمَّ غسلَ وجهَه ثلاثًا، ويديه إلى المِرفَقينِ ثلاثَ مِرار، ثمَّ مسحَ برأسِه، ثمَّ غسل رِجلَيه ثلاثَ مِرارٍ إلى الكعبَين، ثمَّ قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن توضَّأ نحو وُضوئي هذا، ثمَّ صلَّى رَكعتينِ لا يُحدِّثُ فيهما نفْسَه، غُفِر له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه )) رواه البخاري (159)، ومسلم (226).
وجه الدَّلالةِ مِن الحديثِ:
أنَّه جاء فيه وصفُ وضوءِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثًا ثلاثًا إلَّا مسْحَ الرَّأس؛ فلم يُذكَر فيه عددٌ كما ذُكِرَ في غيره، فعُلِمَ أنَّ التَّكرارَ وقع فيما عدا مسْحَ الرَّأس.
ثانيًا: أنَّه مسْحٌ، والمسحُ لا يُسنُّ فيه التَّكرارُ، كمسحِ الخفِّ، والمسحِ في التيمُّمِ، ومسحِ الجبيرةِ، وإلحاقُ المسحِ بالمسحِ أَوْلى من إلحاقِه بالغَسْلِ ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (21/126).

انظر أيضا: