الموسوعة الفقهية

المطلَبُ الثَّاني: حُكمُ النِّيةِ في الزَّكاةِ   


تجِب النِّيةُ عند أداءِ الزَّكاةِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و((حاشية الشلبي)) (1/257)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/169). ، والمالكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/242)، ويُنظر: ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص: 68). ، والشافعيَّة ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 72)، ويُنظر: ((فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب)) لزكريا محمد الأنصاري (1/135). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/138)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/476). ، والظَّاهِريَّة قال ابنُ حَزْم: (لا يُجزئُ أداءُ الزَّكاة إذا أخرَجَها المسلِمُ عن نفْسه، أو وكيلِه بأمْره، إلَّا بنيَّةِ أنَّها الزَّكاةُ المفروضةُ عليه، فإنْ أخَذَها الإمامُ أو ساعِيه, أو أميرُه أو ساعيه؛ فبِنِيَّةٍ كذلك؛ لِقَولِ الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، ولِقولِ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ)). ((المحلى)) (6/91 رقم 688). ، وبه قال عامَّةُ الفُقهاءِ قال ابنُ نجيم: (وقَولُه: [لله تعالى] بيانٌ لشرْطٍ آخَرَ، وهو النيَّةُ، وهي شرْطٌ بالإجماعِ في العباداتِ كلِّها). ((البحر الرائق)) (2/217). وقال سند: (النِّيَّة واجبةٌ في أداءِ الزَّكاةِ عند كافَّةِ الفُقَهاءِ، وقال الأوزاعيُّ: لا تجِبُ؛ لأنَّ ذلك دَينٌ كسائِرِ الدُّيُونِ). ((مواهب الجليل)) للحطاب (3/243)، وينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/136). وقال النووي: (وبوجوبِها قال مالك وأبو حنيفة، والثوري وأحمد، وأبو ثور وداود، وجماهيرُ العلماء، وشذَّ عنهم الأوزاعيُّ، فقال: لا تجِبُ ويصحُّ أداؤها بلا نيَّةٍ، كأداء الدُّيونِ). ((المجموع)) (6/180). وقال ابنُ قدامة: (مذهَبُ عامَّة الفقهاء: أنَّ النيَّةَ شَرْطٌ في أداءِ الزَّكاةِ، إلَّا ما حُكِيَ عن الأوزاعيِّ أنَّه قال: لا تجِبُ لها النِّية؛ لأنَّها دَينٌ، فلا تجِبُ لها النِّية، كسائِرِ الديون؛ ولهذا يُخرِجُها وليُّ اليتيمِ، ويأخذها السلطانُ مِنَ المُمتَنِع). ((المغني)) (2/476). وقال المرداويُّ: (هذا بلا نزاعٍ، من حيثُ الجملةُ). ((الإنصاف)) (3/138).
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُ الله تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ [الروم: 39]
ثانيًا: من السُّنَّة
عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: ((إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّاتِ )) رواه البخاري (1) واللفظ له، ومسلم (1907).
وجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أداءَ الزَّكاةِ عَمَلٌ واجِبٌ، فتجِبُ لها النيَّةُ ((المغني)) لابن قدامة (2/476).
ثالثًا: أنَّ الزَّكاةَ عبادةٌ محضَةٌ يتكرَّرُ وُجوبُها، فلم تصِحَّ من غيرِ نيَّةٍ، كالصَّلاةِ ((المجموع)) للنووي (6/179)، ((المغني)) لابن قدامة (2/476، 477).
رابعًا: أنَّ إخراجَ المالِ يكون فرْضًا، ويكونُ نفلًا، فتفتقِرُ الزَّكاةُ لِلنِّيَّةِ؛ لتَمييزِها عن الهِباتِ والكفَّاراتِ والتطوُّعاتِ ((الذخيرة)) للقرافي (3/136)، ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/203).

انظر أيضا: