الموسوعة الفقهية

المطلب الثالث: الواجِبُ في الإبِلِ بين مئةٍ وإحدى وعشرينَ، إلى مئةٍ وتسعٍ وعشرين


إذا كان عددُ الإبِلِ مِن مئةٍ وإحدى وعشرينَ، إلى مئةٍ وتسعٍ وعشرين، فإنَّه يتعيَّنُ إخراجُ ثلاثِ بناتِ لَبُون، وهذا مذهَبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/390)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر للهيتمي و((حواشي الشرواني والعبادي)) (3/211). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/186). قال شمس الدين ابن قدامة: (إذا زادتِ الإبِلُ على عشرينَ ومئةٍ واحدةً، ففيها ثلاثُ بنات لَبُون... في أظهر الرِّوايتين) ((الشرح الكبير)) (2/480). ، والظَّاهِريَّة إلَّا أنَّهم قالوا بذلك حتى لو زادت عن عشرينَ ومئةٍ ببعض ناقةٍ أو جملٍ. ((المحلى)) لابن حزم (4/108 رقم 674). ، وقولٌ للمالكيَّة قال أبو الوليد الباجي: (اختلف أصحابُنا في تأويل قوله: ((فما زاد على ذلك من الإبِلِ، ففي كل أربعين بِنتُ لَبُونٍ، وفي كلِّ خمسين حِقَّة)) على ثلاثة أقوال:... ورُوي عنه- أي مالك- أنَّ الفَرضَ ينتقِلُ إلى ثلاثِ بَناتِ لَبُون من غير تخييرٍ) ((المنتقى شرح الموطأ)) (2/130)، وينظر: ((بداية المجتهد)) (1/259). ، وبه قالتْ طائفةٌ مِنَ السَّلفِ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (قال الشافعيُّ والأوزاعيُّ: إذا زادت الإبِلُ على عشرينَ ومئةٍ، ففيها ثلاثُ بناتِ لَبُون، كقول ابن شهاب، وهذا أَوْلى عند العلماء، وهو قول أئمَّة أهل الحجاز، وبه قال إسحاقُ وأبو ثور) ((الاستذكار)) (3/183). وقال ابنُ قدامة: (إذا زادت على العشرينِ والمئة واحدةً، ففيها ثلاثُ بنات لَبُون، وهو إحدى الرِّوايتين عن أحمد، ومذهب الأوزاعيِّ، والشافعيِّ، وإسحاق). ((المغني)) (2/435). ، واختاره ابنُ عَبدِ البَرِّ قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (اختُلِفَ فيما بين العشرينَ ومئةٍ إلى الثلاثينَ ومئةٍ، فقيل: ليس فيها إلَّا ثلاثُ بناتِ لَبُونٍ، حتى تبلغ ثلاثينَ ومئة، وهو الصحيح، وبه أقول). ((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/310). وقال أيضًا: (قال الشافعيُّ والأوزاعيُّ: إذا زادتِ الإبِلُ على عشرينَ ومئة، ففيها ثلاثُ بَناتِ لَبُونٍ، كقول ابن شهاب، وهذا أَوْلى عند العلماء، وهو قول أئمَّة أهل الحجاز، وبه قال إسحاق وأبو ثور) ((الاستذكار)) (3/183). ، وابنُ باز قال ابنُ باز: (فإذا بلغت مئةً وعشرين، ففيها ثلاثُ بناتِ لَبُونٍ، إلى مئةٍ وثلاثين) (الموقع الرسمي لابن باز). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عُثيمين: (وفي مئةٍ وإحدى وعشرينَ ثلاثُ بَناتِ لَبُونٍ، ثم تستقرُّ الفَريضةُ في كلِّ أربعين بنتُ لَبُون، وفي كلِّ خمسين حِقَّة). ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/51).
الأدلَّة مِنَ السُّنَّة:
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ أبا بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، كتب له هذا الكتابَ لَمَّا وجَّهه إلى البحرين: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فرَضَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على المسلمين، والتي أمَرَ اللهُ بها رسولَه، فمَن سُئِلَها من المسلمين على وجهِها، فلْيُعطِها، ومَن سُئِلَ فَوقَها فلا يُعطِ... فإذا زادتْ على عشرينَ ومئةٍ، ففي كلِّ أربعينَ بنتُ لَبُونٍ، وفي كلِّ خمسينَ حِقَّةٌ... )) رواه البخاري (1454).
وجه الدَّلالة:
أنَّه رتَّبَ الحُكمَ على الزِّيادةِ على عشرينَ ومِئةٍ، وبالواحدةِ حَصَلت الزيادةُ، فيكون ما زاد عن المئةِ وعشرينَ ولو واحدةً، داخلٌ في هذا الحِسابِ ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/186، 187).
2- عن ابنِ شِهابٍ، قال: (هذه نُسخةُ كتابِ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الذي كتبه في الصَّدقة، وهي عند آلِ عُمَرَ بنِ الخطَّاب، قال ابنُ شهاب: أقرَأَنِيها سالمُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، فوَعَيتُها على وجهها، وهي التي انتسَخَ عُمَرُ بن عبد العزيز مِن عبدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمر، وسالم بن عبد الله بن عُمَر، فذكر الحديث، قال: ((فإذا كانت إحدى وعِشرينَ ومئة، ففيها ثلاثُ بناتِ لَبونٍ، حتى تبلُغَ تِسعًا وعشرينَ ومئةً... )) رواه أبو داود (1570)، والدارقطني (2/116)، والحاكم (1/550)، والبيهقي (4/90) (7510) قال ابنُ دقيق العيد في ((الإلمام بأحاديث الأحكام)) (1/305): مرسل، إلَّا أن كونه كتابًا متوارثا عند آل عمر بن الخطَّاب قد يُغني عن ذكر الإسناد فيه. وقال الزيلعي في ((نصب الراية)) (2/339): مرسل. وصحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1570).

انظر أيضا: