الموسوعة الفقهية

المبحث السَّادس: مَن وُلِد مختونًا


مَن وُلِد مختونًا، فإنَّه لا يُختَنُ، ولا تُجرَى الموسى عليه قال ابن القيِّم: (الذي يُولد بلا قُلفة نادرٌ جدًّا، ومع هذا فلا يكون زوال القُلْفة تامًّا، بل يظهر رأس الحَشَفة بحيث يَبِينُ مخرجُ البول؛ ولهذا لا بدَّ من خِتانه ليظهرَ تمامُ الحَشَفة، وأمَّا الذي يسقط ختانُه فأنْ تكونَ الحَشَفة كلُّها ظاهرةً، وأخبرني صاحبنا محمَّد بن عثمان الخليليُّ المحدِّث ببيت المقدس أنَّه ممَّن وُلد كذلك، والله أعلم). ((تحفة المودود)) (ص: 197). قال ابن حجر: (قال أبو شامة: غالب مَن يولَدُ كذلك لا يكون ختانُه تامًّا، بل يظهر طرَف الحَشَفة؛ فإنْ كان كذلك وجَب تكميلُه). ((فتح الباري)) (10/340).
الأدلَّة:
أوَّلًا: من الإجماع
نقل ابنُ القيِّم الاتِّفاقَ على عدم الخِتان، وحَكَى الخلافَ في إجراء الموسى عن بعض المتأخِّرين قال ابن القيم: (هذا متَّفق عليه، لكن قال بعض المتأخِّرين: يُستحَبُّ إمرار الموسى على موضع الختان؛ لأنَّه ما يُقدَر عليه من المأمورِ به، وقد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أمرتُكم بأمْرٍ فأتُوا منه ما استطعتُم))، وقد كان الواجب أمرين: مباشرةُ الحديدة، والقطع؛ فإذا سقَط القطعُ فلا أقلَّ من استحباب مباشرة الحديدة، والصَّواب: أنَّ هذا مكروهٌ لا يُتقرَّب إلى الله به، ولا يُتعبَّد بمثلِه، وتُنزَّهُ عنه الشريعة؛ فإنَّه عبثٌ لا فائدة فيه). ((تحفة المودود بأحكام المولود)) (ص: 197)، وينظر: ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/877).
ثانيًا: أنَّ إمرارَ الموسى غيرُ مقصودٍ، بل هو وسيلةٌ إلى فِعل المقصود، فإذا سقط المقصودُ، لم يبقَ للوسيلةِ معنًى قال ابن القيِّم: (نظيرُ هذا ما قال بعضُهم: إنَّ الذي [لم] يُخلَق على رأسه شَعرٌ، يُستحبُّ له في النُّسك أن يُمِرَّ الموسى على رأسِه، ونظير قول بعض المتأخِّرين من أصحاب أحمد وغيرهم إنَّ الذي لا يُحسِنُ القراءة بالكليَّة ولا الذِّكرَ أو أخرس، يحرِّك لسانَه حركةً مجرَّدة، قال شيخنا: ولو قيل: إنَّ الصَّلاة تبطُلُ بذلك، كان أقربَ؛ لأنَّه عبَثٌ ينافي الخشوعَ، وزيادةُ عملٍ غيرِ مشروعٍ). ((تحفة المودود بأحكام المولود)) (ص: 197).

انظر أيضا: