الموسوعة الفقهية

المطلبُ الأولُ: حُكمُ تحويلِ الرِّداءِ


يُستحَبُّ للإمامِ والمأمومِ أمَّا المرأة فإذا كانت تتكشَّف عند تحويلِها الرداءَ، فإنَّها لا تفعل، وأمَّا إذا كانت لا تتكشَّف فحكمُها حكمُ الرَّجل في ذلك.  قال ابنُ بازٍ: (إذا كانت المرأةُ تتكشَّف عند تحويلِها للرداءِ في صلاةِ الاستسقاءِ، والرِّجالُ ينظرون إليها فإنَّها لا تفعل؛ لأنَّ قلب الرِّداء سنةٌ، والتكشُّف أمام الرِّجال فتنةٌ ومحرَّم، وأمَّا إذا كانت لا تتكشَّف فالظاهر أنَّ حكمها حكمُ الرجل؛ لأنَّ هذا هو الأصل، وهو تساوي الرِّجال والنِّساء في الأحكام، إلا ما دلَّ الدَّليلُ على الاختلافِ بينهما فيه). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (13/84). وقال ابنُ عثيمين: (بالنسبةِ لمَا يُقلب فالذي ورد هو قلبُ الرِّداء؛ لحديثِ عبد الله بن زيد «أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استسقى فقلب رداءَه» ومثلُه البشت والعباءةُ للمرأةِ، لكنَّ المرأةَ إذا كان المسجدُ مكشوفًا، وكان تحت العباءةِ ثيابٌ تلفتُ النَّظر، فأخشَى أنَّه في حال قيامها لتقلبَ العباءةَ تظهرُ هذه الثيابُ، وتكون مفسدةٌ أكبرُ مِن المصلحةِ، فلا تقلِب). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/351). تحويلُ الرِّداءِ قال ابن عثيمين: (الشماغ... لا يقلب فهو يشبه العمامة على الرأس). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/358). وقال أيضًا: (أما قلب الغترة والشماغ، فلا أظن هذا مشروعًا؛ لأنَّه لم يرد أن العمامة تُقلب، والغترة والشماغ بمنزلة العمامة). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (16/352) وقيَّد بعض أهل العلم جواز ذلك بما إذا لم يكن عليه رداءٌ أو ما يشبهه. قال ابن باز: (والسنَّة أن يُحَولَ الرداء في أثناء الخطبة، عندما يستقبِلُ القبلة يُحَوِّل رداءَه فيجعل الأَيمنَ على الأيسَرِ، إذا كان رداءً، أو بشت إن كان بشت يَقْلِبُه. وإن كان ما عليه شيءٌ سوى غُترة يَقْلِبها، قال العلماء: تفاؤلًا بأنَّ الله يُحَوِّل القَحْطَ إلى الخِصْب، يحول الشِّدَّة إلى الرخاء). ((موقع الشيخ ابن باز)) ضمن الإجابة عن سؤال عن كيفية صلاة الاستسقاء. في الاستسقاءِ، وهذا مذهبُ الجمهورِ: المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/596)، وينظر: ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/510)، ((المنتقى))‏ للباجي (1/331). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (5/103)، ((روضة الطالبين)) للنووي (2/94). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/72)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/322). ، واختاره داودُ الظاهريُّ قال النوويُّ: (مَذهبُنا استحبابُ تحويل الرِّداء في الخُطبة للإمامِ والمأمومين كما سبَق، وبه قال مالكٌ، وأحمد، وأبو ثورٍ، وداودُ) ((المجموع)) (5/103). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلم قال ابنُ قُدامةَ: (ويُستحبُّ تحويلُ الرِّداء للإمام والمأموم، في قولِ أكثرِ أهل العِلم) ((المغني)) (2/322). ، وحُكي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البَرِّ: (ولا أعلم خِلافًا أنَّ الإمام يحوِّل رِداءَه وهو قائمٌ، ويُحوِّل الناسُ وهم جلوسٌ) ((الاستذكار)) (2/429).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المصلَّى يَستسقي، فاستقبل القِبلَةَ، وحوَّلَ رِداءَه، وصلّى رَكعتينِ )) رواه البخاريُّ (1025)، ومسلم (894).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ ما فعله النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثبَت في حقِّ غيره، ما لم يَقُمْ على اختصاصه به دليلٌ ((المغني)) لابن قدامة (2/322)
ثانيًا: أنَّ في التحويلِ تفاؤلًا بالانتقالِ من حالٍ إلى حال؛ لعلَّ الله أنْ يَنقُلَهم من حالِ القحطِ إلى حالِ السَّعةِ والخَصْب ((الحاوي الكبير)) للماوردي (2/519).

انظر أيضا: