الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ السادس: ما تُدرَكُ به صلاةُ الجُمُعةِ


تُدرَكُ الجُمُعةُ بإدراكِ رُكوعِ الركعةِ الثَّانية، وهذا مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة ((مواهب الجليل)) للحطاب (2/397)، ويُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (2/32)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/50). ، والشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/558). ، والحَنابِلَة ((الإنصاف)) للمرداوي (2/266)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/29). ، وبه قال أكثرُ العلماءِ قال ابنُ قُدامَة: (أكثرُ أهل العلم يرَوْن أنَّ مَن أدرك ركعةً من الجمعة مع الإمام، فهو مدركٌ لها، يُضيف إليها أخرى، ويُجزئه) ((المغني)) (2/231). وقال النوويُّ: (في مذاهب العلماء فيما يُدرِك به المسبوقُ الجمعةَ: قد ذكرنا: أنَّ مذهبنا أنَّه إنْ أدرك ركوعَ الركعة الثانية أدركها، وإلَّا فلا، وبه قال أكثرُ العلماء) ((المجموع)) (4/558). ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ قال ابنُ قُدامَة: (وهذا قولُ ابنِ مسعود، وابنِ عُمَر، وأنس، وسعيد بن المسيَّب، والحسن، وعلقمة، والأسود، وعُروة، والزُّهري، والنَّخَعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي) ((المغني)) (2/231). وقال ابنُ المنذر: (وقالت طائفة: إذا أدرك مِن الجُمُعة ركعةً صلَّى إليها أخرى، وإن أدركهم جلوسًا صلَّى أربعًا، كذلك قال عبدُ الله بن مسعود، وعبدُ الله بن عمر، وأنسُ بن مالك، وسعيدُ بن المسيَّب، والحسن، والشَّعبي، وعلقمة، والأسود، وعُروة بن الزُّبير، والنَّخَعي، والزهري... وبه قال مالك فيمَن تبِعه من أهل المدينة، قال: وعلى هذا أدركتُ أهل العلم ببلدنا، وكذلك قال سفيانُ الثوريُّ، والشافعيُّ، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور... قال أبو بكر: وقولنا موافقٌ للثابت، عن ابنِ مسعود، وابن عمر، وأنس، وسائرِ التابعين) ((الأوسط)) (4/109). ، وحكي الإجماعُ على ذلك قال ابنُ عبد البَرِّ: (وقد أجمعوا أنَّ إدراكها بإدراكِ الركوع مع الإمامِ دليلٌ على أنَّ مَن لم يدركْ من الصلاة ركعةً فلم يُدركها، هذا مفهومُ الخطاب، ومَن لم يُدركها لزِمَه أن يُصلِّي ظهرًا أربعًا) ((الاستذكار)) (2/32). وقال ابنُ تيميَّة: (الجمعة لا تُدرك إلَّا بركعة، كما أفتى به أصحابُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، منهم: ابنُ عمر، وابنُ مسعود، وأنسٌ، وغيرهم، ولا يُعلم لهم في الصحابة مخالفٌ، وقد حَكَى غيرُ واحدٍ أنَّ ذلك إجماعُ الصحابة) ((مجموع الفتاوى)) (23/332). وقال الكاسانيُّ: (حتى إنَّ المسبوق إذا أَدْرك الإمامَ في الجمعة؛ إنْ أدركه في الركعة الأولى، أو الثانية، أو كان في ركوعها يَصير مدركًا للجمعة بلا خِلاف) ((بدائع الصنائع)) (1/267). وقال ابنُ حزم: (عن ابن مسعود: مَن أدرك الركعةَ، فقد أدرك الجمعة، ومَن لم يُدرك الركعة فليصلِّ أربعًا. ولا يُعرَفُ لهما من الصحابة رضي الله عنهم مخالفٌ) ((المحلى)) (3/285). وقال المرداويُّ: ("ومَن أدرك مع الإمام منها ركعةً أتمَّها جمعة" بلا خلافٍ أعْلَمه) ((الإنصاف)) (2/266).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أبي هُرَيرةَ، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن أَدْرَك ركعةً من الصَّلاة، فقد أدركَ الصَّلاة )) رواه البخاري (580)، ومسلم (607).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّه علَّق إدراكَ الصَّلاةِ بإدراكِ ركعةٍ منها، وهو عامٌّ يَشمَلُ كلَّ الصلواتِ، ومنها الجُمُعة، ومفهومُ التقييدِ بالركعةِ أنَّ مَن أدركَ دون الركعةِ لا يكونُ مدركًا للصَّلاةِ ((فتح الباري)) لابن حجر (2/57).
ثانيًا: أنَّه قولُ جماعةٍ من الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا مُخالِفَ لهم قال ابنُ قُدامَة: (أكثرُ أهلِ العِلم يرون أنَّ مَن أدرك ركعةً من الجمعة مع الإمام، فهو مدركٌ لها، يُضيف إليها أخرى، ويُجزئه. وهذا قولُ ابنِ مسعود، وابن عمر، وأنس...؛ لأنَّه قولُ مَن سمَّيْنَا من الصحابة، ولا مخالفَ لهم في عصرهم) ((المغني)) (2/231).

انظر أيضا: