الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الحادي عَشرَ: الاحتباءُ وَقتَ الخُطبةِ


لا بأسَ بالاحتباءِ الاحتِباء: أن يُقيم الجالسُ رُكبتيه، ويُقيم رِجليه إلى بطنِه بثوبٍ يجمعهما به مع ظهرِه، ويشد عليهما، ويكون أَلْيتاه على الأرض، وقد يكون الاحتباءُ باليدين عوضَ الثوب. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (1/335)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (3/299). والإمامُ يَخطُبُ يوم الجمعة، وهو مذهبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة ((المبسوط)) للسرخسي (2/65)، ويُنظر: ((الحجة على أهل المدينة)) للشيباني (1/287). ، والمالِكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/385)، ويُنظر: ((المنتقى))‏ للباجي (1/203). ، والحَنابِلَة ((الفروع)) لابن مفلح (3/179)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/242). ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَف قال ابنُ عبد البَرِّ: (رُوي في غير الموطَّأ جوازُ الاحتباء يومَ الجمعة عن جماعةٍ من السلف، وهو قولُ مالكٍ، والأوزاعيِّ، والشافعيِّ، والثوريِّ، وأبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمَّد، وأحمدَ، وإسحاقَ، وأبي ثور، وداود) ((الاستذكار)) (2/54)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/235). وقال ابنُ المنذر: (اختلف أهلُ العلم في الاحتباءِ يومَ الجمعة والإمامُ يخطب؛ فرخَّص فيه أكثرُ من نحفظ عنه من أهل العِلم) ((الأوسط)) (4/89). وقال ابنُ قُدامَة: (لا بأس بالاحتباءِ والإمامُ يخطُب، رُوي ذلك عن ابنِ عُمرَ، وجماعة من أصحاب رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وإليه ذهب سعيدُ بن المسيَّب، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، وشُرَيح، وعِكرمة بن خالد، وسالم، ونافع، ومالك، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، وأصحاب الرأي) ((المغني)) (2/242). وقال النوويُّ: (الاحتباءُ يوم الجُمُعة لمن حضَر الخطبةَ والإمامُ يخطُب؛ نقَل ابنُ المنذر عن الشافعيِّ أنَّه لا يُكره، وبهذا قطع صاحبُ البيان، ونقله ابنُ المنذر عن ابنِ عُمرَ، وابنِ المسيَّب، والحسنِ البصريِّ، وعطاءٍ، وابنِ سيرين، وأبي الزُّبَير، وسالم بن عبد الله، وشُريحٍ القاضي، وعِكرمة بن خالد، ونافع، ومالك، والثوريِّ، والأوزاعيِّ، وأصحابِ الرأي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور) ((المجموع)) (4/592). وقال أيضًا: (قال أبو داود: وكان ابنُ عُمرَ يَحتبي والإمامُ يخطب، وأنس بن مالك، وشُريح، وصعصعةُ بن صُوحَان، وابنُ المسيَّب، والنَّخَعيُّ، ومكحول، وإسماعيل بن محمَّد ابن سعد، ونُعيم بن سلامة) ((المجموع)) (4/592). وقال الشوكانيُّ: (ذهب أكثرُ أهل العلم- كما قال العراقي- إلى عدم الكراهةِ؛ منهم مَن تقدَّم ذِكرُه في رواية أبي داود. ورواه ابنُ أبي شيبة عن سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وعطاءٍ، وابن سيرين، والحسن، وعَمرو بن دينار، وأبي الزُّبير، وعِكرمة بن خالد المخزوميِّ. ورواه الترمذيُّ عن ابن عُمرَ وغيره. قال: وبه يقولُ أحمد وإسحاقُ. وأجابوا عن أحاديثِ الباب أنَّها كلها ضعيفةٌ، وإنْ كان الترمذي قد حسَّن حديثَ معاذ بن أنس، وسكَت عنه أبو داود) ((نيل الأوطار)) (3/299). ، وهو مذهب الظاهرية قال ابنُ عبد البَرِّ: (رُوي في غير الموطَّأ جوازُ الاحتباء يومَ الجمعة عن جماعةٍ من السلف، وهو قولُ مالكٍ، والأوزعيِّ، والشافعيِّ، والثوريِّ، وأبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمَّد، وأحمدَ، وإسحاقَ، وأبي ثور، وداود) ((الاستذكار)) (2/54)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/235). وقال ابنُ حزم: (الاحتباءُ جائزٌ يوم الجمعة والإمامُ يخطب) ((المحلى)) (3/274). وحُكي الإجماعُ على ذلِك قال ابنُ قُدامَة: (ولا بأسَ بالاحتباءِ والإمام يخطُب... ولنا: ما روَى يَعلَى بنُ شدَّاد بنِ أوس، قال: شهدتُ مع معاويةَ بيتَ المقدس، فجمَّع بنا، فنظرتُ، فإذا جُلُّ مَن في المسجد أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرأيتُهم محتبِين والإمامُ يخطُبُ، وفعَلَه ابنُ عمر، وأنسٌ، ولم نعرف لهم مخالفًا، فصار إجماعًا) ((المغني)) (2/242).
الأدلَّة:
أولًا: من الآثار
عن نافعٍ، عن ابنِ عُمرَ، أنَّه كان يَحْتبِي والإمامُ يَخطُبُ رواه الشافعيُّ في ((الأم)) (1/235)، وابنُ أبي شَيبةَ في ((المصنف)) (2/118)، والبيهقيُّ في ((معرفة السنن والآثار)) (4/406) (1815). صحَّحه الإمامُ مالكٌ كما في ((الاستذكار)) لابن عبد البرِّ (2/54)، وقال ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (1/496): ثابتٌ من طريقٍ صحيحةٍ. وصحَّح إسنادَه النوويُّ في ((الخلاصة)) (2/788).
ثانيًا: أنَّ ذلك معونةٌ له على ما يُريده من أمْره، فليفعل مِن ذلك ما هو أرفقُ به ((المنتقى))‏ للباجي (1/203).
ثالثًا: عدمُ ثبوتِ النَّهي عنه [6063] ((نيل الأوطار)) للشوكاني (3/299).

انظر أيضا: