الموسوعة الفقهية

المطلب الأول: الصِّفة الأُولى


يَجعَلُ الإمامُ الجيشَ فِرقتين: فرقة في وجْهِ العدوِّ، وفرقة يُحرِمُ بها، ويُصلِّي بها جميعَ الصَّلاة، ركعتين كانت، أم ثلاثًا، أم أربعًا، فإذا سلَّم بها ذَهبُوا إلى وجه العدوِّ، وجاءتِ الفرقةُ الأخرى فيُصلِّي بها تلك الصلاةَ مرةً ثانيةً، وتكون له نافلةً، ولها فريضةً قال النوويُّ: (قال أصحابنا: وإنَّما تُستحبُّ هذه الصلاة بثلاثة شروط: أن يكون العدوُّ في غير القِبلة، وأن يكون في المسلمين كثرةٌ والعدوُّ قليلٌ، وأن يُخاف هجومُهم على المسلمين في الصَّلاة، قال أصحابنا: فهذه الأمور ليستْ شرطًا لصحتها، فإنَّ الصلاة على هذا الوجه صحيحةٌ عندنا من غير خوف، ففي الخوف أَوْلى، وإنَّما المراد أنَّها لا تُندب على هذه الهيئة إلَّا بهذه الشروط الثلاثة، والله أعلم). ((المجموع)) (4/407، 408). ، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّة ((المجموع)) للنووي (4/407)، ((تحفة المحتاج)) للهيتمي (3/6). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبُهوتي (2/15)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/307). ، والظاهريَّة قال ابنُ عبد البَرِّ: (كلُّ مَن أجاز اختلافَ نيَّة الإمام والمأموم في الصلاة، وأجاز لِمَن صلَّى في بيته أن يؤمَّ في تلك الصلاة غيرَه، وأجاز أن تُصلَّى الفريضة خلَف المتنفِّل، يُجيز هذا الوجهَ في صلاة الخوف، وهو مذهبُ الأوزاعيِّ، والشافعيِّ، وابن عُليَّة، وأحمد بن حنبل، وداود، وصلاة الخوف إنما وُضعت على أخفِّ ما يُمكن وأحوطه للمسلمين) ((التمهيد)) (15/275). وقال ابنُ حزم: (حديث أبي بَكرةَ وجابر ((أنَّ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلى بطائفةٍ ركعتينِ في الخوفِ، ثم سلَّم، وبطائفة أخرى ركعتين ثم سلَّم))... وهذا آخِرُ فِعل رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ أبا بكرة شهِده معه ولم يُسلمْ إلَّا يوم الطائف، ولم يغزُ عليه السلام بعدَ الطائف غير تبوك فقط؛ فهذه أفضلُ صفات صلاة الخوف لِمَا ذكَرْنا. وقال بهذا الشافعيُّ، وأحمد بن حنبل) ((المحلى)) (3/234).
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن أبي بَكرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((صَلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خوفٍ الظُّهرَ، فصفَّ بعضُهم خلفَه، وبعضُهم بإزاءِ العدوِّ، فصلَّى ركعتينِ، ثم سلَّمَ، فانطلق الذين صَلَّوا فوقفوا موقفَ أصحابهم، ثم جاءَ أولئك فصَلَّوْا خلفَه فصلَّى بهم ركعتينِ، ثم سلَّم، فكان لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أربعٌ، ولأصحابِه ركعتانِ )) رواه أبو داود (1248)، والبزار (3659)، والبيهقي في ((معرفة السنن والآثار)) (5/32) (1861). احتج به ابن حزم في ((المحلى)) (4/226)، وصححه النووي في ((المجموع)) (4/406)، وصحح إسناده الزيلعي في ((نصب الراية)) (2/246)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/8)، وحسن إسناده العراقي في ((طرح التثريب)) (2/279)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1248)، وحسنه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1192).

انظر أيضا: