الموسوعة الفقهية

المطلب الثاني: قضاءُ صلاةِ السَّفرِ في الحضَرِ


اختَلَف أهلُ العِلمِ فيمَنْ فاتتْه صلاةٌ في السَّفرِ فأراد قضاءَها في الحضَرِ على قولين:
القول الأوّل: مَن فاتتْه صلاةٌ في السَّفرِ قضاها في الحضَرِ مقصورةً، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة ((حاشية ابن عابدين)) (2/76)، ويُنظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/247). ، والمالِكيَّة ((الشرح الكبير)) للدردير، مع ((حاشية الدسوقي)) (1/263)، ويُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/183). ، وبه قال الشافعيُّ في القديمِ ((المجموع)) للنووي (4/366). ، وهو قولُ سفيانَ الثوريِّ قال ابنُ قُدامةَ: (قال مالكٌ، والثوريُّ، وأصحابُ الرأي: يُصلِّيها صلاةَ سفرٍ؛ لأنَّه إنَّما يَقضي ما فاتَه، ولم يَفُتْه إلَّا ركعتان) ((المغني)) (2/208). ، واختارَه ابنُ عثيمين قال ابنُ عثيمين: (إذا وجبت الصلاة في السَّفر، فإنها تجب ركعتين، فإذا فاتتْه لغفلةٍ أو نِسيان أو نومٍ، أو لإخلالٍ في واجب، ولم يعلمْ به إلَّا وهو في الحضَر، فإنَّه يَقضيها ركعتين؛ لقولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن نام عن صلاةٍ أو نَسِيَها فلْيُصلِّها إذا ذكَرَها))، أي: يُصلِّي تلك الصلاةَ التي نسيها أو نامَ عنها بعينِها ووصْفِها، إنْ كانت مقصورةً فمقصورةً، وإنْ كانت غيرَ مقصورةٍ فغيرَ مقصورةٍ) ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 26).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نَسِيَ صَلاةً أو نام عنها فكفَّارتُها أن يُصلِّيَها إذا ذَكرَها )) رواه البخاري (597) بمعناه، ومسلم (684).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الحديثَ يدلُّ على أنَّه يُصلِّي تلك الصَّلاةَ التي نسِيَها أو نام عنها بعينِها ووصْفِها، إنْ كانتْ مقصورةً فمقصورةً، وإنْ كانتْ غيرَ مقصورةٍ فغيرَ مقصورةٍ ((لقاء الباب المفتوح)) لابن عثيمين (رقم اللقاء: 26).
ثانيًا: أنَّ القضاءَ يَحكي الأداءَ ((الدر المختار)) للحصكفي، مع ((حاشية ابن عابدين)) (2/76).
ثالثًا: أنَّها وجبتْ في الوقتِ كذلك، وفاتتْه كذلك، فيُراعَى وقتُ الوجوبِ لا وقتُ القَضاءِ ((بدائع الصنائع)) للكاساني (1/247).
رابعًا: أنَّها صلاةُ سفرٍ؛ فكان قضاؤُها كأدائها في العدَد كما لو فاتتْه في الحضَر فقَضاها في السَّفرِ ((المجموع)) للنووي (4/366).
خامسًا: أنَّه إنما يَقضِي ما فاتَه، ولم يفته إلا ركعتان ((المغني)) لابن قدامة (2/208).
القول الثاني: أنَّ مَن فاتتْه صلاةٌ في السَّفرِ فقَضاها في الحضرِ، وجَب عليه أن يُتمَّها، وهذا مذهبُ الشافعيَّة على الأصحِّ ((المجموع)) للنووي (4/366). ، والحَنابِلَة ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/ 510)، ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (2/208)، ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (2/155). ، وبه قال الأوزاعيُّ ((المغني)) لابن قدامة (2/208). ، وداود الظاهريُّ قال ابنُ قُدامةَ: (وأمَّا إنْ نسي صلاةَ السَّفر، فذَكَرها في الحَضَر؛ فقال أحمد: عليه الإتمامُ احتياطًا. وبه قال الأوزاعيُّ، وداودُ، والشافعيُّ في أحد قوليه) ((المغني)) (2/208). ، واختاره ابنُ باز قال ابنُ باز: (المسافرُ إذا فاتتْه صلاةٌ، وهو في السَّفر، وأدَّاها في الحضَر، فإنَّه يُؤدِّيها أربعًا، يَسرُدها كلها) ((فتاوى نور على الدرب)) (7/189).
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عنه أن نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن نسِي صلاةً أو نامَ عنها فكفَّارتُها أنْ يُصلِّيَها إذا ذكَرَها )) رواه البخاري (597) بمعناه، ومسلم (684).
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الأمرَ بصلاتها إذا ذكرَها يدلُّ على أنَّه إنما وجبَتْ عليه في الحضَرِ حين ذكرَها، فيُتمُّها أربعًا ((المغني)) لابن قدامة (2/208).
ثانيًا: أنَّه تخفيفٌ تعلَّق بعُذرٍ، فزال بزوالِ العُذرِ كالقُعودِ في صلاةِ المريضِ ((المجموع)) للنووي (4/366).
ثالثًا: أنَّه اجتمَع ما يَقتضي القصرَ والإتمامَ، فغُلِّب جانبُ الإتمام، كما لو أقام المسافِرُ قال ابنُ رشد: (أمَّا مَن أوجب أن يَقضي أبدًا حضريَّةً، فراعى الصفةَ في إحداهما، والحالَ في الأخرى، أعني: أنه إذا ذكَر الحضريَّةَ في السفر راعى صِفةَ المقضيَّة، وإذا ذكَر السفريَّةَ في الحضر راعى الحالَ، وذلك اضطرابٌ جارٍ على غير قياس، إلَّا أن يذهب مذهبَ الاحتياط، وذلك يُتصوَّر فيمَن يرَى القصر رُخصةً) ((بداية المجتهد)) (1/183)، وينظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (2/155).

انظر أيضا: