الموسوعة الفقهية

المطلب الأوَّل: أن يكون بثلاثة أحجار


لا يُجزئُ الاستجمارُ بأقلَّ مِن ثلاثةِ أحجارٍ، وهذا مَذهَبُ الشافعيَّة ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (1/182)، وينظر: ((الأم)) للشافعي (1/37). ، والحنابلة ((الإنصاف)) للمرداوي (1/110)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/69). ، وأصحابِ الحديثِ قال الصَّنعاني: (أخَذ بهذا الحديثِ الشافِعيُّ، وأحمد، وأصحاب الحديث، فاشترطوا ألَّا تنقُصَ الأحجارُ عن الثلاثِ، مع مراعاة الإنقاءِ، وإذا لم يحصُل بها زاد حتى يُنقَى) ((سبل السلام)) (1/81). وقال الشوكاني: (وقد ذهب الشافعيُّ وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور إلى وجوب الاستنجاء، وأنه يجِبُ أن يكون بثلاثةِ أحجارٍ أو ثلاثِ مَسَحاتٍ) ((نيل الأوطار)) (1/105). ، واختاره ابنُ المُنذِر قال ابن المُنذِر: (دلَّ حديث رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أنَّ الاستنجاءَ لا يُجزي بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار) ((الإشراف)) (1/180). ، وأبو الفَرَج المالكي قال ابن عبدِ البَرِّ: (وقال الشافعيُّ: لا يجوزُ أن يُقتَصَر على أقلَّ من ثلاثةِ أحجار، وهو قول أحمد بن حنبل، وإلى هذا ذهب أبو الفرج المالكي) ((الاستذكار)) (1/136). ، وابنُ حزم قال ابن حزم: ( وتطهيرُ القُبُل والدُّبر من البول والغائط والدم من الرجُل والمرأة؛ لا يكون إلَّا بالماءِ حتى يزول الأثر، أو بثلاثةِ أحجارٍ مُتغايرة) ((المحلى)) (1/108). وقال أيضًا: (فلا يُجزئُ مِن الأحجارِ إلَّا ثلاثةٌ لا رجيعَ فيها) ((المحلى)) (1/111). , وابنُ تيميَّة قال ابن تيميَّة: (الصَّحيح: أنَّه إذا استجمر بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار، فعليه تكميلُ المأمور به) ((مجموع الفتاوى)) (21/211). وقال: (قد تنازع العلماءُ فيما إذا استجمر بأقلَّ من ثلاثةِ أحجارٍ أو استجمَرَ بمنهيٍّ عنه كالرَّوْثِ والرِّمةِ وباليمينِ: هل يجزئه ذلك؟ والصحيحُ: أنَّه إذا استجمر بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار، فعليه تكميلُ المأمور به، وأمَّا إذا استجمَرَ بالعَظم واليمين فإنَّه يُجزئه؛ فإنَّه قد حصل المقصودُ بذلك، وإن كان عاصيًا، والإعادةُ لا فائدة فيها) ((مجموع الفتاوى)) (21/211). ، وابنُ باز قال ابن باز: (لا يُجزئُ الاستنجاءُ بأقلَّ من ثلاثةِ أحجار.. وإذا لم تُنقِ وجب أن يزيدَ المُستجمِرُ رابعًا وأكثر، حتى يُنقِيَ المحلَّ) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (10/37).
الأدلَّة مِن السُّنَّةِ:
1- عن سلمانَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((... نَهانا أن نستقبلَ القِبلةَ لغائطٍ أو بولٍ، أو أنْ نستنجيَ باليمينِ، أو أنْ نستنجيَ بأقلَّ مِن ثلاثةِ أحجارٍ، أو أنْ نستنجيَ برجيعٍ أو بعَظمٍ )) رواه مسلم (262).
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا ذهب أحدُكم إلى الغائطِ، فلْيذهبْ معه بثلاثةِ أحجارٍ يَستطيبُ بهنَّ؛ فإنَّها تُجزئُ عنه )) رواه أبو داود (40)، والنسائي (44)، وأحمد (6/133) (25056)، والدارمي (670). صحَّحه الدارقطنيُّ كما في ((التلخيص الحبير)) لابن حجر (1/162)، والنوويُّ في ((المجموع)) (2/96)، وحسَّنه ابن الملقِّن في ((البدر المنير)) (2/347)، وصححه الألبانيُّ في ((صحيح سنن النسائي)) (44).
3- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أتى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الغائطَ، فأمَرني أن آتيَه بثلاثةِ أحجارٍ، فوجدتُ حجرينِ، والتمستُ الثَّالِثَ فلم أجِدْه، فأخذتُ رَوْثةً، فأتيتُه بها، فأخَذَ الحجرينِ وألْقى الرَّوْثةَ، وقال: هذا رِكسٌ )) رواه البخاري (156).
فرع: حكم الاستجمار بثلاثِ مَسَحات من حجر متعدِّد الشُّعَب
يُجزئُ المسحُ بثلاثِ مَسَحاتٍ بحجرٍ واحدٍ له ثلاثةُ أطرافٍ مُنفصلةٍ، وهذا مَذهَبُ الشافعيَّة ((المجموع)) للنووي (2/103)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/45). قال النووي: (هو مخيَّرٌ بين المسح بثلاثةِ أحجار أو بحَجَر له ثلاثة أحرف؛ هكذا نصَّ عليه الشافعي في الأم وغيره، واتفق عليه الأصحاب) ((المجموع)) للنووي (2/103) ، والحنابلة ((شرح منتهى)) الإرادات للبهوتي (1/40)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (1/117). قال المرداوي: (قوله: "لا يُجزئ أقلُّ من ثلاثِ مَسَحات" بلا نزاعٍ) ((الإنصاف)) (1/89). ، وبه قال إسحاقُ وأبو ثور ((المغني)) لابن قدامة (1/117).  قال الشوكاني: (وقد ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور: إلى وجوبِ الاستنجاء، وأنَّه يجب أن يكون بثلاثةِ أحجارٍ، أو ثلاثِ مَسَحات) ((نيل الأوطار)) (1/105). ، واختاره ابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (مَن نظر إِلى المعنى قال: إن الحَجَر ذا الشُّعَبِ كالأحجارِ الثَّلاثة إذا لم تكن شُعَبُه متداخلةً بحيث إذا مَسَحْنا بشُعبةٍ اتَّصل التَّلويثُ بالشُّعْبَة الأخرى، وهذا هو الرَّاجِحُ في ذلك؛ لأنَّ العِلَّة معلومةٌ، فإذا كان الحَجر ذا شُعَبٍ واستجمَرَ بكُلِّ جِهةٍ منه؛ صحَّ). ((الشرح الممتع)) (1/138).
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّ المعنى المطلوبَ مِن الاستنجاءِ بثلاثةِ أحجارٍ، حاصلٌ من ثلاثِ شُعَبٍ، فلو مسَحَ ذَكَره في صخرةٍ عظيمةٍ، بثلاثةِ مواضِعَ منها، أو في حائِطٍ أو أرضٍ، جاز؛ فلا معنى للجمودِ على اللَّفظِ مع وجودِ ما يساويه مِن كلِّ وجهٍ ((المغني)) لابن قدامة (1/117).
ثانيًا: أنَّ عينَ الأحجارِ غيرُ مقصودٍ؛ لذا جاز بالخَشَب والخِرَق والْمَدَرِ ((المغني)) لابن قدامة (1/117).
ثالثًا: أنَّه يجزئُ كما لو فَصَلَ الحجَرَ إلى ثلاثةِ أحجارٍ صِغار؛ ولا فرقَ بين الأصلِ والفَرعِ إلَّا فَصْله، ولا أثَرَ لذلك في التَّطهيرِ ((المغني)) لابن قدامة (1/117).

انظر أيضا: