قراءة وتعريف

منزلة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عند أهل السنة والجماعة والرد على شبهات الطاعنين فيه
book
أمير بن أحمد قروي
عنوان الكتاب : مَنزلِةُ معاويةَ بنِ أبي سُفيانَ رضِيَ اللهُ عنه عِندَ أهلِ السُّنَّة والجماعةِ والردُّ على شُبهات الطَّاعنِينَ فيه
اسم المؤلِّف : أمير بن أحمد قروي
إشراف : سليمان بن سالم السحيمي
النَّوع : رِسالة ماجِستير من قِسم العقيدةِ- بالجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النبويَّة
النَّاشر: دار منار التَّوحيد للنشر- المدينة المنوَّرة
سَنة الطَّبع : 1436هـ - 2015م
عدد الأجزاء : مجلَّدان

التَّعريف بموضوع الكتاب :
مَرتبةُ الصَّحابةِ من أشرفِ المراتبِ فضلًا، وأعلاها قدرًا بعدَ مَرتبةِ النبيِّين والمرسَلين عليهم الصَّلاةُ والسَّلام، والصحابةُ رضوانُ الله عليهم اصطفاهم اللهُ تعالى لصُحبةِ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فحازوا قصبَ السَّبقِ في الخيريَّة والفضلِ، ورغمَ ما تبوَّأه جيلُ الصَّحابةِ الكِرام من مكانةٍ عاليةٍ ومقامٍ رفيعٍ، إلَّا أنَّ هذا الجيلَ قد تَعرَّض- في القديمِ والحديثِ- إلى حملاتِ العداءِ والتشويهِ من شتَّى الطوائفِ والفِرق الذين انقادُوا للشيطانِ؛ فلم يُوفَّقوا للاعتقادِ السَّليم.
ويأتي في مُقدَّمِ مَن كثُر فيه الطعنُ واشتهَر، وكثُر عندَ أولئك المخذولين وانتشَر: خالُ المؤمنينَ، وكاتبُ وحي ربِّ العالَمين، وخيرُ ملوكِ المسلمين، أبو عبد الرحمن معاويةُ بنُ أبي سفيانَ رضِي الله تعالى عنهما.
وكتابُ هذا الأسبوعِ قام فيه مؤلِّفُه ببَيانِ قدْرِ مُعاويةَ بن أبي سفيانَ عند السَّلَف، ومِن خِلال النُّصوص؛ قيامًا بواجبِ النُّصح للأمَّة، وتَحذيرًا لها من الوقوعِ في عِرْض معاويةَ، وعِرض غيرِه من الصَّحابةِ رضي الله تعالى عنهم.
وقسَّم المؤلِّف كتابِه إلى تَمهيدٍ، وبابين، وخاتمة

فتناول في التَّمهيدِ تَعريفَ الصَّحابي لُغةً وشرعًا، وبَيان حَدِّ الصُّحبة، وذِكر مكانةِ الصَّحابة في الكتابِ والسُّنةِ وأقوال السَّلَف الصَّالح، ثم تَكلَّم عن مُعتقَدِ أهلِ السُّنة في الصَّحابة رضي الله عنهم إجمالًا، وثُبوتِ عَدالتِهم بالكِتاب والسُّنَّة والإجماع، وتحريمِ سَبِّهم، ووجوبِ الكفِّ عمَّا شجَرَ بينهم رضِي اللهُ تعالى عنهم.
ثم عقَدَ مبحثًا ذَكَر فيه ترجمةً موجزةً لمعاويةَ بن أبي سُفيان رضِيَ اللهُ تعالى عنهما، ذاكرًا اسمَه ونَسبَه، وتاريخَ إسلامِه، وكتابتَه للوحي، وخِلافتَه عمومًا، وفُتوحاتِه، ثم وفاته رضِي الله تعالى عنه.
وأمَّا الباب الأوَّل فقدْ جعَلَه للحديثِ عن مَنزلةِ معاويةَ رضِيَ اللهُ تعالى عنه عندَ أهلِ السُّنةِ والجماعة، وجاءَ في فصلينِ:

الفصل الأوَّل: تَكلَّم فيه عن منزلتِه رضِي اللهُ عنه من خِلالِ القُرآن الكريم، مِن ذلك قولُه تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117]، وقد كانَ معاويةُ رضِي اللهُ عنه ممَّن شَهِد هذه الغزوةَ المبارَكة، وتَكلَّم أيضًا عن منزلتِه من خلالِ الأحاديثِ النبويَّة، كقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((كلُّ سَببٍ ونَسبٍ منقطعٌ يومَ القِيامة إلَّا سَببي ونَسبي))، وقد فازَ معاويةُ بمصاهرةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنَّ أمَّ حَبيبةَ أمَّ المؤمنين رضي الله عنها هي أختُ معاويةَ، ثم ذكَر المؤلِّف منزلتَه رضِيَ الله عنه مِن خِلال آثارِ الصَّحابة والتَّابعين وتابعيهم، كقولِ الإمامِ الأوزاعيِّ رحمه الله: (أدركت خِلافة معاويةَ جماعةً من أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لم يَنتزِعوا يدًا مِن طاعة، ولا فارَقوا جماعةً)، ثم ختَم هذا الفصلَ ببيانِ منزلتِه رضِيَ اللهُ عنه من خلالِ أقوالِ أهلِ العِلم قديمًا وحديثًا.

والفصل الثَّاني: تحدَّث فيه عن منزلةِ اجتهاداتِ معاويةَ بن أبي سفيانَ رضي الله عنه عندَ أهلِ السُّنَّة، فتحدَّث فيه عن مَنزلةِ اجتهادِه رضِي اللهُ عنه في المطالبةِ بدَمِ عُثمانَ بن عَفَّان رضِي الله عنه، وأنَّه كان وليَّ الدَّمِ، وعن مَنزلةِ اجتهادِه رضِيَ الله عنه في قَبولِ مبايعةِ أهلِ الشَّام له، وعن منزلةِ اجتهادِه رضِي الله عنه فيما وقَع بينه وبين عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه مِن اختلافٍ (وقعة صفِّين)، وبَيَّن أنَّه لم يكُن سببُ الخلافِ أنَّ معاويةَ وجُنده كانوا يَقدَحون في أحقيَّة عليِّ بن أبي طالبٍ بالخلافةِ، وإنَّما سببُ الاختلافِ هو في كيفيَّة الأخذِ بالقَوَدِ مِن قَتلةِ الخليفةِ الشَّهيدِ عُثمانَ بنِ عَفَّان، لا أنَّ أصلَ النزاع هو أخْذُ القَوَدِ مِن حيثُ الأصلُ، ثم تَكلَّم المؤلِّفُ عن منزلةِ اجتهادِه رضِي اللهُ عنه وموقفِه مِن مُخالفِيه من الصَّحابةِ رضِي اللهُ عنهم في الاجتهادِ، فذَكَر ما أَنكَره معاويةُ على كعبِ الأحبارِ في بَعضِ ما يَتعلَّقُ بذِي القرنينِ، وأنَّ رأي معاويةَ هو الصَّوابُ.

ثم تناوَلَ المؤلِّفُ منزلةَ اجتهادِه رضِي اللهُ عنه في بَعضِ المسائلِ الأخرى التي نُسِبت إليه، مِثل خُطبته رضِي اللهُ عنه جالسًا، ورجَّح أنَّه لا شيءَ على مَن خطَبَ جالسًا لعُذرٍ لَحِقَه، وأنَّ أهلَ العلم لم يَختلفوا في ذلِك، كما تحدَّث عن اجتهادِه رضِي اللهُ عنه في القَسامةِ وأنَّ القَدْر المتيقَّن في هذه المسألةِ: أنَّ معاويةَ رضِي اللهُ عنه قد أخَذَ بالقسامةِ وعَمِل بها، كما صحَّ عنه ذلك بالأسانيدِ الصَّحيحة المحرَّرة، وتكلم أيضًا عن اجتهادِه رضِي اللهُ عنه في الميراثِ، واجتهادِه رضِي اللهُ عنه في دِيَةِ المعاهَد، واستعمالِه رضِي اللهُ عنه لغيرِ المسلمين. وغيرها من المسائل.

وأمَّا الباب الثاني: فكان مُخصَّصًا للردِّ على شُبهاتِ الطَّاعنين في مُعاويةَ رضِي اللهُ عنه، وجاءَ في تَمهيدٍ وثلاثةِ فُصول:
ذكَر في التَّمهيدِ أصنافَ الطَّاعنينَ في مُعاويةَ رضِي اللهُ عنه؛ مِثل: الخوارج، والشِّيعة، والمعتزلة، والمستشرقين، وكثيرٍ مِن الكُتَّاب المعاصرين.

والفَصلُ الأوَّل من هذا الباب ذكَر شُبهاتِ الطَّاعنينَ فيه رضِي اللهُ عنه بما يُدَّعى من الأدلَّة ومناقشتها، فذكَر الأحاديثَ الصَّحيحةَ التي يُدَّعى دَلالتُها على الطَّعنِ فيه رضِي اللهُ عنه، مبيِّنًا أنَّها لا دَلالةَ فيها على ذلِك، ومِن هذه الأحاديثِ قولُ عليٍّ رضي الله عنه: ((إنَّه لعَهدُ النبيِّ الأُمِّي إليَّ، وأنَّه لا يُحبُّني إلَّا مؤمنٌ، ولا يُبغضني إلَّا منافقٌ))، فزَعموا أنَّ معاويةَ كان مِن أعداءِ عليٍّ ومِن مُبغضيه! والجواب: أنْ يُقال: مِن أين لكم أنَّ معاويةَ كان من مُبغضي علي؟ ومنذ متى كان الاختلافُ دليلَ البُغضِ والعداء؟! وقد ورَد عن معاويةَ آثار ٌكثيرة تُبيِّن أنَّه كان يَعرِفُ فضْلَ عليٍّ ويَرعَى حَقَّه، منها: قوله رضِي الله عنه: (إنِّي لأعلمُ أنَّ عليًّا أفضلُ منِّي).
وكذلك ذَكَر الأحاديثَ الضَّعيفةَ والواهيةَ التي استدلُّوا بها، مبيِّنًا عدمَ صلاحيتِها للاستدلالِ؛ لأنَّها غيرُ صحيحةٍ، ومِن ذلك: حديثُ (لكلِّ أمَّةٍ فِرعون، وفرعونُ هذه الأمِّةِ معاويةُ)، وهو حديثٌ لا يُوجَد مسندًا في شيءٍ مِن دواوينِ السُّنة المعتنية بنَقلِ الأحاديثِ والآثار، وإنَّما هو مذكورٌ في الكتب المُبطِلة للواهياتِ والموضوعاتِ مِن القصص والأخبار.

والفصل الثاني: تَحدَّث فيه المؤلِّفُ عن شُبهات الطَّاعنينَ في شَخصِه ودِينِه رضِي اللهُ عنه، فتناوَل ادِّعاءَ أنَّه رضِي اللهُ عنه ليس مِن الصَّحابةِ، مُثبتًا بُطلانَ ذلك، وأنَّه مِن الصَّحابةِ، كما تَحدَّث عنِ ادِّعاءِ تَكفيرِ أبي بَكرةَ رضي الله عنه له، ومسألةِ ادِّعاءِ ذمِّ كثيرٍ من المهاجرين والأنصارِ له، والرد على ذلك كلِّه.
وتناوَل بالردِّ أيضًا ادعاءَ أنَّه رضِي اللهُ عنه كان اشتراكيًّا، وأنَّه كان استبداديًّا إقطاعيًّا، وغيرها مِن المسائل.

والفصل الثَّالث: خَصَّصه للردِّ على شُبهاتِ الطَّاعنينَ في سياستِه واجتهادِه رضِي اللهُ عنه أثناءَ إمارتِه وخلافتِه، فتحدَّث فيه عن ادِّعاءِ أنَّه أرادَ أنْ يَنقُلَ مِنبرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ إلى الشَّام، وردَّ على هذه الشُّبهة بأنَّ الرِّواياتِ الواردةَ في ذلك لا يصحُّ منها شيءٌ، كما تحدَّث عن ادِّعاء تَعامُله رضِي اللهُ عنه بالرِّبا والرِّشوة، والردِّ على ذلك.

وتَكلَّم عن ادِّعاءِ خروجِه رضِي اللهُ عنه على عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضِي الله عنه؛ رغبةً في الخِلافة، وادِّعاءِ كَذبِه وخِداعِه في قضية التَّحكيم، والردِّ على ذلك.
ثم تناول بالردِّ ادِّعاءَ سَمِّه للحسنِ بن عليٍّ رضِي الله عنهما، وادِّعاء قتلِه رضِي الله عنه لعبد الرَّحمن بن خالدِ بن الوليدِ، وكذلك ادِّعاء قتْلِه رضِي الله عنه لمحمَّدِ بن أبي بكرٍ رضي الله عنهما، مفصلًا في الردِّ على ذلك، ومُبيِّنًا أنَّ هذا مِن الفِرَى التي لا أساسَ لها مِن الصحَّة، ولا إسنادَ لها يُعتمد عليه ويُركن إليه.

وختَم الشُّبهات والردَّ عليها بذِكْر شُبهةِ توليتِه رضِي اللهُ عنه لابنِه يَزيدَ بنِ معاوية، وسَنِّه بذلك سُنَّةً سيِّئة، وردَّ على ذلك بأنَّ الإمامةَ تَثبُت بالعهدِ والاستخلافِ، وقد أجمَعَ أهلُ العِلم على جوازِ توليةِ الخَليفةِ القائم خليفةً يَخلُفه الأمرَ مِن بعدِه، سواء أكان ذلك عند الاحتضارِ، أو قبل ذلك، وقد نقَل الإجماعَ على ذلك عددٌ مِن أهلِ العِلم؛ منهم: الماورديُّ الشافعيُّ، وابنُ بَطَّال المالكيُّ، وابنُ حزمٍ الظاهريُّ، وابنُ قُدامة الحَنبليُّ، وبدرُ الدِّين العينيُّ الحنفيُّ، وغيرهم كثير.