قراءة وتعريف

التلازُم بين العقيدةِ والشَّريعة وآثاره
book
طارق بن سعيد القَحطاني
عنوان الكتاب: التلازُم بين العقيدةِ والشَّريعة وآثاره
الناشر: مكتبة الرشد - السُّعودية
نوع الكتاب: أصل هذا الكتاب رسالة علمية مقدَّمة لنيل درجة الدكتوراه من قِسم العقيدة بجامعة أم القرى عام 1433هـ.
سنة الطبع: 1435هـ - 2014م
عدد الصفحات: 901


التعريف بموضوع الكتاب:
إنَّ أحوجَ ما يكون الناسُ إليه في كلِّ زمان ومكان تذكيرَهم بالتوحيدِ الذي جاءتْ به رسالاتُ الأنبياء، وإبرازَ أثره في الأحكام الشرعيَّة المتنوِّعة وعلاقته بها، وقد تتأكَّدت حاجة الأمَّة إلى إحياء إيمانها إحياءً عمليًّا حين أصابها الوهنُ في دِينها، بتآمُر الأعداء عليها، ومحاولة النَّيْل منها، والإجهاز على مقوِّمات قوتها.
وكتاب هذا الأسبوع يتعلَّق بتصحيح مفهوم العلاقة بين العقيدة والشَّريعة وأثرها في الحياة، وتأصيل ذلك بالأدلَّة، وتوضيح عمَل الأمَّة بالتلازُم بين العقيدة والشريعة على مرِّ القرون المفضلة.
وقد تألَّف الكتابُ من مُقدِّمة، وتمهيد، وثلاثة أبواب، تحت كلِّ باب عِدَّة فصول:

ففي التمهيد تناول المؤلِّف تعريفَ العقيدة، مبيِّنًا أنَّ لها في الاصطلاح إطلاقين: عام وخاص، وأنَّ الإطلاق العامَّ يضمُّ كلَّ معتقد دون قيد، وهو ما عقَده الإنسانُ في قلبه جازمًا ومؤمنًا به. وفي المعنى الثاني للعقيدة (الإطلاق الخاص) ذَكَر عِدَّة تعريفات لمجموعةٍ من العلماء منها: أنَّ العقيدة هي (المسائل العلميَّة التي صحَّ بها الخبر عن الله عزَّ وجلَّ ورسولِه صلَّى الله عليه وسلَّمَ، التي يجب أن ينعقدَ عليها قلبُ المسلم؛ تصديقًا لله ورسوله)، ومنها: أنَّها (المبادئ الدِّينيَّة التي ثبتتْ بالبرهان القاطع)، ثم أوضح المؤلِّف أنَّ جميعَ هذه التعريفات موافقةٌ للشرع وأنَّ تلك الموافقةَ تتحقَّق في كونِ العقيدة تضمُّ مسلَّماتِ الدِّين وأصولَه وفرائضه وقطعياته.
ثم عرَّف الشريعةَ في اللُّغة والاصطلاح، أوْضح أنَّ لفظ الشريعة مشتركٌ لفظي استُعمل في معانٍ عِدَّة؛ فمرة بمعنى التوحيد والعقيدة، ومرة أخرى بمعنى الفِقه، وثالثة بمعنى الدِّين كله.

وفي الباب الأوَّل - الذي جاء في ثلاثة فصول - تكلَّم المؤلِّف عن حقيقة التلازم بين العقيدة والشريعة ومظاهره؛ ففي الفصل الأوَّل: تكلَّم عن العلاقة بين العقيدة والشريعة، وحقيقة التلازُم بينهما، ثم ذكَر أقوال أهل السُّنَّة في علاقة الإيمان بالإسلام، وصحَّح القول بأنَّ بينهما تلازمًا؛ فإذا اقترن الإسلامُ والإيمان فُسِّر الإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيمانُ بالأعمالِ القلبيَّة كما في حديث جِبريل عليه السلام، وأنَّهما إذا افترقَا دخل أحدُهما في الآخر، وأنَّ هذا هو مذهب السَّلف وأكثرِ أهل العِلم.
ثم تَكلَّم عن التلازُم بين العقيدةِ والشريعةِ من جانبِ ارتباطهما بالإسلامِ والإيمان.
ثم تناول مسألةَ تقسم الدِّين إلى أصول وفُروع، وعلاقته بالتلازُم بين العقيدة والشريعة، مشيرًا إلى أنَّ لفظَي الأصول والفروع من الألفاظ المُجمَلة التي فيها حقٌّ وباطل، ولا بدَّ فيها من التفصيل.

أمَّا الفصل الثاني: فتناول فيه مظاهرَ التلازم بين العقيدة والشريعة في رِسالات الأنبياءِ؛ فذكر مظاهرَ التلازم في نبوَّة آدم، ورسالة نوح، وإبراهيم، وموسى، وداود، وسليمان، وعيسى عليهم جميعًا السلام، ثم تناول مظاهر التلازم في رِسالة نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلَّمَ بشيءٍ من التفصيل، ذاكرًا مظاهر التلازم في السياسة، وفي العلاقة بين الحاكمِ والمحكوم، وفي الجوانبِ الاقتصاديَّة، والاجتماعيَّة، والأُسريَّة.
ثمَّ تَكلَّم في الفصل الثالث عن عملِ الأمَّة الإسلاميَّة بالتلازُم بين العقيدة والشريعة؛ فذكَر العمل بالتلازم في عهد النبوَّة، ثم في عهد الصَّحابة، وعمل الخلفاء الراشدين بالتلازُم، ثم في عَهد التابعين ومنهم عُمر بن عبد العزيز، ثم في عهد تابعِي التابعين، وذكر منهم عبد الها بن المبارك، والفُضَيل بن عِياض، وأسد بن الفُرات، وأبو عُبَيد القاسم بن سلَّام، مع ذِكْر شيءٍ من سِيَرهم التي تدلُّ على عمَلهم بالتلازم بين الشريعة والعقيدة.

وأمَّا الباب الثاني - الذي جاء في فصلين - فقد تناوَلَ فيه أدلَّة إثبات التلازم بين العقيدة والشريعة في الكتاب والسُّنة، ففي الفصل الأول ذَكَر أربعةَ عشرَ دليلًا من القرآن الكريم، وسَبعةَ عَشرَ دليلًا من السُّنة المكرَّمة على التلازُم بين العقيدة والشريعة. ثم تحدَّث عن إثبات التلازم بين العقيدة والشريعة عبرَ الإشارات والدَّلالات العقدية في الشعائر التعبديَّة.

أمَّا الفصل الثاني فقد خصَّصه لحُكم الفَصل بين العقيدة والشريعة، وتكلَّم فيه عن علاقةِ النواقض بالتلازُم بين العقيدة والشريعة، ثم تحدَّث عن الحُكم بغير ما أنزل الله كنموذجٍ للفصل بين العقيدة والشريعة.

وفي الباب الثالث - الذي جاء في فصلين أيضًا - تحدَّث المؤلف عن آثار التلازم بين العقيدة والشريعة، فتناول في الفصل الأوَّل الآثارَ الإيجابيَّة للتلازم بين العقيدة والشريعة، وتحدَّث فيه عن أثر التلازم بين العقيدة والشريعة عبرَ أركان الإيمان الستَّة، مبيِّنًا أنَّ الأثر الإيجابي للتلازم متوقِّفٌ على صحَّة العقيدة، ومدلِّلًا على ذلك بأدلَّة، منها قول الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132]. ثمَّ تكلَّم عن أثرِ التلازم بين العقيدة والشريعة مِن جهة الظاهر والباطن.

وفي الفصل الثاني تحدَّث عن العوامل المؤثِّرة في فصل التلازم بين العقيدة والشريعة أو إضعافه. وتكلَّم فيه عن دَور الفِرق الإسلاميَّة في فَصْل التلازم بين العقيدة والشريعة أو إضعافه، متناولًا بالدِّراسة فِرقَ المعتزلة والصوفية والشِّيعة والباطنيَّة، ثم فصَّل الحديث عن أثَر المفاهيم الشرعيَّة الخاطئة في تلازم العقيدة والشريعة، كما تناول أثر المفهوم الخاطِئ للبدعة، وكذلك أثر المفهوم الخاطئ للإيمانِ في التلازم بين الشريعة والعقيدة.
كما أوْضَح أثَر التيَّارات الفكريَّة المعاصرة ومذاهب الإصلاح والتَّجديد العقلاني في التلازم. وذَكَر بعض العوامل المؤثرة من خارج دائرة الإسلام مِثل الأديان السابقة كاليهوديَّة والنصرانيَّة، كما تَكلَّم أيضًا عن أثَر الاستشراق في فَصْل التلازم بين العقيدة والشريعة.

ثم ختَم المؤلف الكتاب بمجموعةٍ من النتائج التي تُلخِّص مضمونَ الكتاب، وبعض التوصيات المهمَّة، ومنها:
الوصية لنفسه ولمن يطالع الكتاب بتقوى الله تعالى ومراقبته. كما أَوْصى بإقامة الدَّورات العلميَّة المختصرة لتوعية الطلاب المبتَعثينَ بخُطورة الاستشراق، وتوعيتهم بالمنهجِ الوَسط البعيد عن الغلوِّ والتفريط.
كذلك أوصى بضرورة قيام الجِهات المختصَّة بإضافة مادَّة عِلميَّة في المدارس والجامعات تربط الإيمانَ بجميع التخصُّصات العلميَّة، كالطبِّ والهندسة والفزياء؛ لكي تُوجَّه الدراسةُ إلى خِدمة الدِّين، ثم الوطن الحامي للدِّين، وأنَّ عليهم احتسابَ الأجر فيها قبلَ طلب الدنيا.